لا بأس كفارة وطهور إن شاء الله تعالى

Vendredi 4 Mai 2012

لا بأس كفارة وطهور إن شاء الله تعالى

 
لا بأس كفارة وطهور
إن شاء الله تعالى
هذا الكتاب يعبر عن نبذة يسيرة من الرضاء بالقضاء والقدر
والاعتماد على الله العلي القدير في كل أحداث الظروف
زاداً للمريض العليل المبتلي
ويهتم كثيراً بالتوحيد والتوبة والصحة
 
تأليف :
مفكر إسلامي الأستاذ / باي محمد صامب
غفر الله له ولولديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات آمين .

 
 

الإهداء :
1.          إلى كل مريض مبتلى انقطع رجاءه فلا يرى  إلا الموت ويظن أن ليس له من باب فينيب .
2.          إلى كل مصاب وقلبه يتعلق بغير الله فيخيب .
3.          إلى كل من يلج باب الكهان والعرافين مهما طال لا يصيب .
4.          إلى العائد الظريف الذي سمع نداء رسو الله محمد عليه الصلاة والسلام ( وإذا مرض فعده ) فيستجيب .
5.          إلى كل مهموم بالوجع مغموم بالفزع ولا يعلم أن الفرج قريب .
6.          إلى كل هؤلاء أقول : ألا بذكر اسم الله تطمئن القلوب وهو سبحانه أبداً لا يغيب .

فهذه الحياة الدنيا :
أساسها الابتلاء .
وقوامها الصبر .
وسلاحها الدعاء .
وزادها حسن الخلق
وخير المراد التقوى .
ما هو السبب  ؟
ما هي الوقاية ؟
وما هو العلاج ؟



بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة وتقديم :

الحمد لله الذي جعل الشفاء في القرآن والعسل والحبة السوداء وماء زمزم وغيرها مما لا يعلمه إلا الله جل جلاله وعز كماله .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ، وآمن بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون .
أخي القارئ أختي القارئة لكتاب " لا بأس كفارة وطهور  إن شاء الله تعالى " للأخ العزيز والصديق الحميم والتلميذ النجيب : الشيخ الأستاذ : باي محمد صامب ، مما لا شك فيه أن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه ويحس به إلا المرضى .  حقيقة طبية مؤكدة وتجربة صحية إنسانية محسوسة وهذه الجملة الفلسفية تشبه إلى حدّ ما في نظري ما صرج به الرئيس الأمريكي الأسبق الراحل " رتشارد نيكسون " لما اضطر لتقديم استقالته بعد فضيحة ووترقيت الشهيرة : " إن المرأ لا يعرف روعة القمة إلا عند ما يذوق مرارة الحضيض " .
هذا في مجال السياسة ، وتلك في مجال الصحة العامة . وعلى أي حال : فإن كتاب هذا الأخ المبارك حافل بالمعلومات الصحية المفيدة وزاخر بالآداب الطبية النافعة ، ويحتوي على كثير من القواعد المتعلقة بالعلاج والشفاء والوقاية قبل حلول المرض وحدوثه المفاجئ .

والمبادئ الإيمانية التي ينبغي على المرأ التجمل والتحلي بها بعد حصول المرض لمساعدته للخروج منه بعافيه وهدوء البال مع مراعاة القوانين الإسلامية المتبعة في عيادة المريض والدعاء له بالخير وتطمينه وتطميعه بالشفاء والبرء . مما يدل على تعمق المؤلف وتبحره في دراسته وتناوله الموفق لمواجهة المرض ومجابهة الأدواء والاسقاء التي تفتك اليوم بالبشرية المحرومة . وتواصل زحفها نحو الإنسانية برمتها أينما وجدت على وجه البسيطة نتيجة تلوث البيئة بالمواد الكيماوية الناتجة من عادم السيارات ودخان المصانع ونفايات التفجيرات النووية التي تقوم بها بهذا الدول الكبرى شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً .

إضافة إلى المخدرات التي تهدد اليوم الشباب ، والفاحشة التي تهدد الأسر والعائلات وخصوصاً النساء ، مما ولد نتائج عكسية رهيبة في حياة الإنسان وسير المجتمع ونمو الأمة ومعشية الشعوب . ولعله مما يساعده في تخفيف حدة التوتر وتجفيف شدة التلوث التخلى نهائياً عن التدخين وتناول المشروبات الكحولية الخطيرة كالخمر مثلاً باستصدار قرارات دولية من منظمة الأمم المتحدة التي تدعى دوماً حرصها البالغ على مصالح الإنسان أين ما كان في هذا الكون الموجود .

ولعل أكبر مصلحة للإنسان بعد العلم والإيمان والتقوى والصبر ومكارم الأخلاق هو الصحة والأمن والقوت ، لقول النبي صلوات الله وتسليماته عليه : من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق الله العظيم إذ يقول : ﭽ ﭙ  ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞ  ﭟ   ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ   ﭼ قريش: ٣ – ٤ ، وجل من قائل : ﭽ ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ    ﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ  ﯷ     ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ  ﯽ    ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ      ﰂ  ﭼ الشعراء: ٧٨ – ٨٢ .
فالإسلام دين الدنيا والبرزخ والآخرة ، جمع المطالب الإنسانية الحيوية والضرورية والحتمية كلها في شتى المناسبات النفسية والجثمانية .

والحمد لله في الأولى والآخرة وله الحكم والحجة البالغة والمثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم . هذا : وأن الأخ الحبيب المحترم والصديق الوفي المكرم الشيخ بابي محمد صامب لغنيّ عن التقديم والتنوية ، لما عرف به من الجد والاجتهاد والجهاد في سبيل الله رب العباد .
لإيمانه بقول الله المولى : ﭽ ﯶ   ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺﯻ  ﯼ   ﯽ  ﯾ   ﯿ  ﰀ  ﰁ   ﭼ ، وقوله تعالى العلي الأعلى : ﭽ ﮠ   ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ   ﭼ .
فهو أعني باي محمد صامب ، مجاهد محسن وغلام معلّم وعالم معلّم ومتمسك بالسنة المحمدية والشيم الإسلامية والشمائل النبوية والسيرة الاحمدية .
فهو نسيج وحده في ميدان التربية والتعليم وفي مجال الثقافة والتلقين وفي رحاب المسجد والتكوين صديق المحراب وأنيس المنبر وحبيب المكتبات الإسلامية وخادم الكتب القيمة علاوة على ذلك خلقه الكريم وسلوكه المستقيم . فهو سهل لين شهم حيي حليم رفيق رحيم وقور كريم .
ولقد لاحظت فيه كل هذه المحاسن والمكارم والمعالي ، فجزاه الله خيراً وحفظه من كل سوء ومكروه .

فإلى الأمام يا أيها الإمام ماسكاً بالزمام وموفقاً بالإلهام والإلمام في شتى فنون العلم والمعرفة والحكمة ﭽ ﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ   ﯭ    ﯮ  ﯯﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ      ﯴ  ﯵ  ﭼ  اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين . وجاز هذا المؤلف باي محمد صامب ، بكل إحسان إحساناً وتجاوز عن خطيئاته وكفر عنه سيئاته . واغفرله ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات .
اللهم آمين يا رب العالمين .
 
التوقيع : محمد جير نو مالك محسن
جوب : صاحبه القرآن "
خريج كلية التربية شعبة الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر الشريف
بجمهورية مصر العربية
 

 
التفريط
الحمد لله باري الأنام والصلاة والسلام على سيدنا محمد الإمام ، وعلى آله وأصحابه الكرام ، ومن انتهج نهجهم واستن سنتهم ثم استقام .
أما بعد :
فقد اطلعت على كتاب " لا بأس كفارة وطهور إن شاء الله تعالى " لمؤلفه باي محمد صامب ، أيده العزيز الغفور ، فوجدته أحسن ما ألف وصنّف في هذا الباب مشتملاً على عبر لأولي الألباب وهادياً للحياري ومن مواهبي الجهل إلى فيافي العلم والاهتداء .
ومنقذا للضلال من غياهب الجزع والهلع إلى نور الصبر والاحتساب والارتقاء . يا حبذا لواهتدى الناس إليه أو استمعوا إلى قارئيه ، لأن الأمة اليوم في حاجة ماسة إلى مثله . كم من أناس اليوم إذا أصيبوا جزعوا وآسوا أو أنعم عليهم بطروا ونسوا ، فلا إلى الله يرجعون عند البلية ، ولا له يشكرون عند النعمة.
وإذا كانت هذه حالنا فبديهي أن تقوم أنت وأمثالك من الذين لهم أيدي طوال في هذا الميدان لترشدوا العباد ، وتعبّدوهم رب العباد ، والله أسأل أن يجازيك افضل وخير ما يكون به الجزاء ، غداً عند اللقاء ، إنه سميع قريب مجيب الدعاء .
                                                                        محمد مصامبه سيك

 
 
تفريط
قال طالب علم في أخيه باي محمد صامب تفريطاً لشخصيته :
جازاك الله خيراً يا محمد صام

 
  عنّا عن الإخوان بلا انفصام

 
قَلْبُكَ خالصً ووجهُك ذا انبِساط

 
  وعِلْمُك بحرٌ ولسانٌ لا الخِصام

 
قد نصحت الأخوان فلا أنت تروح

 
  فأنت في التعليم كما أهل الإعلام

 
تعلم الناس في مدرسة وبرنا

 
  مج كل يوم وأسبوع بلا سئام

 
كما أرسلت إليّ كتبا هدية

 
  ثميناً لله ذي الجلال والإكرام

 
وغيري طلاب العربية وفرنسا

 
  قد عرفك الناس بالأدب الكرام

 
هذا شعر ألفه بالقبول صديقه

 
  جازاك الله خيراً بلا انفصام

 
 
 
وقال فيه أيضاً مسروراً به :
بشرى أهل اندربل سنغال

 
  مثلكم يابن بشير بلا جدال

 
 
 
                                                       محبكم في الله : إبراهيم كن بن عمر

 
التمهيد
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه ونتوكل عليه ونثنى عليه الخير كله ، نشكره ولا نكفره ، نؤمن به ولا نشرك به أحداً أبداً . ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . أنه من يهده الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .
اللهم فصل وسلّم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد نبي الهدى والرحمة وإمام أهل الجنة وعلى آله الأطهار وصحبه الأخيار ، ومَن مِن الأبرار رحماك يا غفار يا ستار يا قهار ، وبعد :
فإن أصدق الكلام كتاب الله وأحسن الهدي نهج محمد عليه الصلاة والسلام وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، نعوذ بالله العظيم من كل عمل يؤدّي صاحبه إلى دار البوار جهنم ويئس القرار ، ثم أما بعد :
فرضينا بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وبالقرآن دستوراً وبالكعبة قبلة .
اللهم أحينا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص وعلى دين نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملّة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين .
فإن الخالق هو الله لا ثاني له في ذلك ، ولقد خلق وأوجد الخلق لحكمة بالغة يعلمها هو بالجملة والتفصيل ، فإن شاء بيّنها وأخبر عنها ، وإن لم يشأ سكت وعدل . وعلى وجه الخصوص قال سبحانه: ﭽ ﭳ   ﭴ  ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ   ﭼ الذاريات: ٥٦ .

فهو المصور كيف يشاء وهو المهيمن على البرية جمعاء ويدبر الأمر في الأرض والسماء لا إله إلا هو ذو الجبروت والملكوت والكبرياء .
ولما أراد الله نشأة الخلق ، وهو عليم بما كان قبل النشأة وعلى علم تام بما هو كائن وما يكون . وقد صدق الله إذ يقول : ﭽ  ﰕ  ﰖ  ﰗ  ﰘ  ﰙ     ﰚ  ﰛ  ﭼ الطلاق: ١٢ .  لما كان ذلك كذلك : مزج وجمع في خلق الإنسان الإبتلاء بالخير والشر قتنة ليشكر في الخير ويصبر في الشر وأتى بالشدة والرخاء نعمة ، وما أدريك ما النعمة إنه الخلق . ففي خلق الإنسان نعمة كبيرة .
ويجب على المؤمن أن يلازم الخير ويداوم قلة الشكوى في الشدائد فيكون صبوراً شكوراً . في المحن والعطاء ، كما سلف ذكره آنفاً .

ولم يخلق الله سبحانه وتعالى الكائنات بصدفة متأصًلة بالمحاولة . بل بحكمة دقيقة وقدرة فائقة كل القوى وبمشيئة صادقة للعلي إنه الله القدير جلّ وعلا .
فبما أنه بديع السموات والأرض وما فيهما من غير مثال سابق ، كذلك خبير بما يدور حولهم ، وعلى جمعهم قديرً إذا يشاء . ما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين . ﭽ ﭝ  ﭞ    ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ      ﭣ   ﭤ  ﭥ    ﭦ  ﭧ    ﭨ  ﭩ      ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ     ﭰ   ﭱ   ﭲ   ﭳ  ﭴ  ﭵﭶ  ﭷ  ﭸ     ﭹ     ﭺ  ﭻ  ﭼﭽ  ﭾ     ﭿ  ﮀ   ﮁ  ﮂ  ﭼ المجادلة: ٧ .
يعلم الأحداث الواقعة السارة التي ينضوي تحتها الفرح والشكر والهناء وكذلك الأحداث الملموسة الضارة والتي تحتوي الصبر وتتطلب الوفاء ، فإن العبد إذا شكر الإله في اليسر يكون خيراً وزيادة لــه لا محالة وإن صبر في العسر يكن خيراً وإنابة وقربة.
كما نطق به فم الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في حديث صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له . رواه مسلم . قد تجزع نفس أن تصاب بسقم فتحوّل الأوضاع رأساً على عقب بسبب المرض الذي أبتلي به بين عشية وضحاها . يقول الله تعالى : ﭽ ﯧ   ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ  ﯯ     ﭼ النساء: ١٩ .
فهو الابتلاء العظيم والاختبار الجسيم الذي أراده ربنا جل علاه بالناس لمعرفة قويّ الإيمان وضعيف الإيمان بمثابة جلب الثواب والأجر عند الله تعالى حيث يقول جل من قائل : ﭽ ﭠ  ﭡ  ﭢ   ﭣ  ﭤ   ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭼ محمد: ٣١ .
فالمؤمن الصادق كلما أصيب ببلاء كلما كان توكله على الله أكثر واعتماده عليه سبحانه أثبت ورجاءه لما في يديه الكريمتين آكد . قال تعالى: ﭽ ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬﮭ  ﮮ    ﮯ   ﮰ  ﮱﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ    ﭼ الطلاق: ٣ . وقال تعالى: ﭽ ﰅ  ﰆ  ﰇ  ﰈ  ﰉ  ﭼ النحل: ٤٢.
ومن ضمن المرتبة الثانية من مراتب الابتلاء التي هي المرض والسقم الذي يصيب الكثير من صابر متجلّد ويائس قنوط .
قال تعالى : ﭽ ﭿ    ﮀ  ﮁ  ﮂ  ﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ   ﮈ   ﮉ  ﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ   ﮓ  ﮔ  ﮕ    ﭼ فصلت: ٤٩ - ٥٠  .
وقليل من العباد من يدرك يعقله صراحة حقيقة هذا الهدف الكونى وهذه الإرادة الإلهية ، ويتحمل الآلام المؤسفة والأوجاع المحرقة. قال تعالى:ﭽ ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ    ﭣﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧﭼ النساء : ٢٨ . فبالمناسبة : على المرء أن يفكّر بالعقل لا بالعاطفة وأن يحكم بالعلم لا بالإرادة وبالحق لا بالهوى .
ولضعف إيمانه بالله تعالى يفقد الرضاء بالعطاء ، فيحسب البعض أن ما أصابه مصيبة وفتنة لا ينجو ولا يتخلص منها أبداً . نعم إنه مصيبة ونقمة على كل كافر جحود وكل فاجر حسود فإن المرض  يلوّث جنته الدنيوية المحدودة إلى قطعة من عذاب . فالدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر .
فالكفار يتنعّمون فيها حسب ما قدّر لهم . وعباد الله المخلصون ليسوا بالمتنعًمين. قال تعالى:ﭽﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯ    ﮰ  ﮱ   ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ   ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ         ﯤ       ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ              ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﭼ الأحقاف: ٢٦ .
وهؤلاء المؤمنون هم الأمة الوسط في كل شيء من جانب العقيدة والعبادة والمعاملة فلا يطغون في تجاوز الحدّ في العصيان أبداً فاحذر الطغيان فهو من صفات الكفرة الاشقياء ، قال تعالى : ﭽ ﮔ  ﮕ    ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ    ﮛ   ﮜ  ﮝ     ﮞ   ﮟ  ﮠ    ﮡ  ﭼ العلق: ٦ - ٨  .

لذلك وصف الله المؤمنين بأحسن أو صافٍ يستهلّون في سورة الفرقان إرجع إليها إذ يقول ربنا جل وعلا : ﭽ ﮱ  ﯓ   ﯔ  ﯕ  ﯖ   ﯗ              ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﭼ الفرقان: ٦٣ ﭧ ﭨ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭽ ﮱ  ﯓ   ﯔ  ﯕ  ﯖ   ﯗ              ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟ   ﯠ  ﯡ      ﯢ  ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ      ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫﯬ  ﯭ  ﯮ  ﯯ      ﯰ   ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ  ﯷ  ﯸ        ﯹ   ﯺ  ﯻ  ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﰂ   ﭑ  ﭒ   ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ   ﭗ  ﭘ      ﭙ  ﭚ     ﭛ    ﭜ  ﭝ  ﭞ     ﭟ  ﭠ   ﭡﭢ  ﭣ  ﭤ    ﭥ  ﭦ    ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ    ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ      ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ   ﭹ  ﭺ    ﭻ  ﭼ  ﭽﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁ   ﮂ  ﮃ  ﮄ  ﮅ    ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊ      ﮋ   ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ    ﮑ   ﮒ  ﮓ  ﮔ      ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ    ﮚ  ﮛ   ﮜ   ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ     ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ   ﮮ    ﮯ  ﮰ  ﭼ الفرقان: ٦٣ - ٧٤  .
فلا يمنعك مانع أن تتخلّق بها ، لأنهم يجزون الغرفة بما صبروا ويلقّون فيها تحية وسلاماً . هذا تقرير جللً من عندالله لتميزهم بها . جعلنا الله وإياكم من زمرتهم إنه ولى ذلك والقادر عليه .
أما المرض للمؤمن بالله الموقن بلقاء الله فهو نعمة كبيرة يراها مغفرة وفرصة لمعرفة نعمة الصحة والعافية والسلامة في البدن ، وجلاء البصر ودقة السمع ، فهذا نصيب المؤمن بالله وموقف المحب المطيع .

والتي بشر بها نبي الرحمة عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم . إن المرض من أوفر نعمة وأقصى منحة وأبلغ تهنئة إلهية يحيا بها المسلم : إن العبد إذا مرض تتساقط ذنوبه وخطاياه كما تتساقط أوراق الشجر أية نعمة كهذه ؟ ﭧ ﭨ ﭽ ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ      ﮩ  ﭼ آل عمران: ١٥٢ .
فمتى أذنب العبد وطغى وأسرف على نفسه وعصى غضب الله عليه فغوى فهذا المعاصي الجالبة تلك الذنوب تكون سبباً لقسوة القلوب ولبعد العبد عن ربه سبحانه ، فيسقط عن عين الله الكريم فضئلت قوة العبد المذنب وقلّ حظّه بالقرب إلى الله ، لهذا يكون فريسة . ومهما كان العبد نائباً عن رحاب الله تعالى تتكالب عليه شياطين الجن وذئاب البشر ليضلوه عن الهدى والاحسان إلى عبادة الله ، فصار ريشة في مهب الريح لا تستقر في مأمن . فيصدوه عن السبيل ويحسب أنه مهتدٍ بل من أولياء الشيطان فيزيّن له مساويه قال تعالى قولاً بليغاً : ﭽ ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓﮔ   ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ   ﮡ  ﮢﮣ  ﮤ      ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﭼ فاطر: ٨ .

وهذا حال من في شرك الشيطان بالبعد عن رحاب الرحمن ، فيعقدنّ له صراط الله المستقيم . هو وجنوده . يحبّبون إليه الباطل حقّاً ، ويكرّهون له الحق باطلاً . ويبغّضون له الصحيح غلطاً . ويحرّضونه مع الحث المتكرر والإجبار المستمر بطريق مباشرة وغير مباشرة قاصدين لفعل المنكرات وارتكاب الخبائث بكل وسيلة الأغراء . فيجعلون له الفواحش أحبّ الأشياء إليه والفضائل أكثر شيء كرهاً . فأصبح من المفسدين في الأرض بعد إصلاحها قال تعالى : ﭽ  ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ     ﭫ  ﭬ  ﭭ    ﭼ النمل: ٢٤.  إنه الشيطان وحزبه شركاء خونة . قال الله تعالى في حقه : ﭽ ﭯ  ﭰ  ﭱ    ﭲ  ﭳ   ﭴﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ  ﭹ    ﭺ  ﭻ  ﭼ    ﭽ  ﭾ   ﭿ  ﮀ  ﮁ  ﮂﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈ   ﮉ        ﮊ  ﮋ           ﮌ  ﭼ فاطر: ٦ – ٧ . فالمرض من أدق أسباب الطهور المفضي للعبد النقاء والموجب له القربة إلى ربه جل علاه وإجابة الدعاء .

 
نعمة المرض
لقد أنزل الله تعالى المرض لنتّعظ به ، ولحكمة يعلمها هو يقول الله في حديث قدسي : إن من عباده من لا يصلح إيمانه إلا السقم ولو صححته لا فسده ذلك ، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا الصحة ولو اسقمته لافسده ذلك أو كما قال تعالى:ﭽ ﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭼ غافر: ١٩ قال تعالى : ﭽ ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰ   ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛﯜ  ﯝ  ﯞ       ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﭼ النجم: ٣٢ .
فإلى هذا الفهم البسيط لا يعود المريض المسلم يرى بعد برئيه المبارك إلا أنه على أكبر نعمة ، يحبّها الأذكياء البررة أن يبتلوا ويصابوا بمثلها ، لما تترتب عليه من ثواب عظيم وخير عميم ومن تطهير جسيم من الذنوب وتنقية من الخطايا وتمحيص من الكبائر ورفعة الدرجات عند الله تعالى ، بعد أن أناب إلى الله وتاب توبة نصوحاً ، والتوبة هنا لا من أجل الشفاء فحسب بل تكون خالصة لامتثال أمر الله في خطابه الموجّه إلى أهل الإيمان ، قال تعالى : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ   ﭛ  ﭜ     ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ   ﭢ  ﭣ  ﭤ   ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ   ﭬﭭ  ﭮ  ﭯ  ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ   ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ      ﭹﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﭼ التحريم: ٨ .
فمن مِنَن الله تعالى على المريض المسلم أنه من آثار مرضه تمكين الرحمة في قلبه والرقة فيصبح رحيماً مع من في الأرض رقيق القلب ليّن الجانب وتزول القسوة من قلبه كما أن المرض يورث المحبّة والتواضع والانكسار بين يدي الله الغفار ، كذلك يوجب الزهد في الدنيا وحبّ المساكين والضعفاء والمستضعفين ، ويطرد الاستكبار والاحتقار والاعجاب .
فبذلك يكون من العارفين بالله والسابقين المقربين ، فتقبل توبته وتستجاب دعوته ويبارك في عبادته كلها ، بمزيد من الإيمان والثقة بالله عز وجل ، ومزيد من الحسنات والبركات والطيبات من الرزق .
ومن ثم يرزق الله تبارك وتعالى ويجازي أحسن ما يجازي عائد في عيادته للمريض بالعفو والغفران ورفع الدرجات والرضوان عند الله الجليل ويقابل ذلك بالجميل .
البشرى
وجدير بالذكر أن المرض لا يحل بأحد صدفة بل يبشر بخير فلا بد من الاستسلام لله ، قال تعالى: ﭽ ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ    ﭯ         ﭰ   ﭱﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭼ هود: ١٤.
أخي في الله إن هذا المرض نعمة ، فحدث بها عن تراض من قبلك قال تعالى : ﭽ ﮠ  ﮡ      ﮢ  ﮣ   ﭼ الضحى: ١١ . فالله جعل لهذا المرض حكماً وفوائد ، وقليل من يعلم ذلك فنمْ قرير العين مطمئن الباب مرتاح الضمير ، فالله رؤوف بالعباد .
لا تنظر أثناء مرضك نظرة بؤس وكره وتأسف وتشاؤم بل افرح وأبشر وانتظر من الله الجزاء الأوفى ، قال تعالى : ﭽ ﰂ  ﰃ  ﰄ  ﰅ   ﰆ  ﰇ  ﰈ  ﰉ  ﰊ  ﰋ   ﰌ  ﰍ  ﰎ  ﰏ  ﰐ  ﰑ  ﰒ  ﭼ النجم: ٣٩ – ٤١ .

هكذا كان دأب سلفنا الصالح رحمهم الله ورضي عنهم ، فكانوا يعلمون أن المرض من الله الجليل وكلما صدر من الجليل فهو جميل ، وكانوا يرون أيضاً مهما كان المرض وطال فهو كفّارة وطهور إن شاء الله ربنا جل في علاه وتعاظم بأوصافه الجليلة ، فبالمرض كانت تنشرح صدروهم ، وتتنوّر قلوبهم وتبتهج أنفسهم وترتاح ضمائرهم رضاً بقدر الله وصنعه اللطيف فقد ثبت من كلام الحبيب بينا محمد طبيب الأمم السالفة .
ومعلم العصور الحاضرة ومربّي الأجيال المقبلة عليه من الله أفضل الصلوات وأتم التسليمات وأزكى البركات . فعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابيّ يعوده وكان إذا دخل على من يعوده قال : لا بأس طهور إن شاء الله . رواه البخاري في صحيحه ، يعني : لا تحزن على هذا المرض ولا تيأس من روح الله فمرضك هذا مطهر لذنوبك ومكفر لسيئاتك بإذن الله تعالى .

قال تعالى مصداقاً لما أشرت إليه آنفاً : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ   ﭘ  ﭙ  ﭚ  ﭛ           ﭜ  ﭝ  ﭼ العنكبوت: ٧ .
أي : آمنوا بقضاء الله وقدره ثم قابلوا ذلك بالصبر الجميل الذي ليس من وراءه شكوى ولا كفران العشير ، بل بالصبر والرضا على البلاء ، والإحسان الذي من شعب الصبر قال تعالى : ﭽ ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ    ﯟ  ﯠ   ﯡ  ﯢ  ﭼ هود: ١١٥ . واتبعوه بحسن التصرف حتى لا يرى ولا يلاحظ من معاملاته مع الغير بالسيئة ، علماً بأن الله يقول في محكم تنـزيله عز من قائل : ﭽ ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﭼ الأحزاب: ٣٨ . أي إذا قضى الله فلا رادّ لقضاه . وقبل التحليل العام حول كلمة (( لا بأس كفارة وطهور إن شاء الله تعالى )) جدير بالذكر أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك وليست في الوجود مطلقاً شيء يأتي بالصدفة أبداً الآبدين . فربنا جل علاه يقول في كتابه العزيز : ﭽ ﭞ  ﭟ  ﭠ   ﭡ  ﭢ        ﭣ  ﭤﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪﭫ  ﭬ  ﭭ    ﭮ  ﭯ    ﭼ التغابن: ١١.
ولا يزال ربنا يؤكد مفهوم ما ذكرناه قبل قليل حقيقة أزليّة فيقول جل من قائل : ﭽ ﮯ  ﮰ    ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ    ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ  ﯥ      ﯦ  ﯧ   ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ    ﯭ  ﯮ  ﯯﯰ  ﯱ   ﯲ  ﯳ  ﯴ            ﯵ  ﯶ  ﭼ الحديد: ٢٢ – ٢٣ .
ولقد حدّث ابن القيم عن نفسه أنه أحصى ما للأمراض من فوائد وحكم فزادت على مائة فائدة أخي في الله أختي في الله ! هذه الحياة الدنيا التي نقطعها أيامها معدودة ، وأنفاسنا التي نتنفّس بها محدودة، فلنكثر فيها أعمالاً صالحة ممدودة ، تكون لنا زاداً نتوسل به لجنات خالدة مع المتقين الذين أعدّت لهم جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
الحياة قدرها ساعة فلنجعل ربحها طاعة ، والنفس طمّاعة نعوّدها القناعة . إرضاءً لله في كل نعمة وبليّة . فالله أحكم ونسبة العلم إليه أسلم . إسمع إليه وهو يقول عزّ من قائل : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ   ﭕ    ﭖﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ   ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ   ﭦﭧ   ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ     ﭬ  ﭭ  ﭼ البقرة: ٢١٦ . وقد قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا مالنا بها ؟ قال : كفّارات قال أبيّ بن كعب . وإن قلّت ؟ ! قال : وإن شوكة فما فوقها . رواه أحمد .

محتويات هذه الكلمات : لا بأس طهور إن شاء الله
إذا أردنا أن نحلّلها بالعقل والمنطق البشرى لا نستطيع ذلك ، ولكن نأخذ العبرة من معانيها .
يا لها من معاني ، فهي يتعلق بها أثران : معنويّ وحسيّ .
فأما الأثر الأول : فهي الكلمات المحدودة الحروف ولكن لمضمونها مدّ عريض ومدلول طويل من معاني شتّى . فيتلذذ المؤمن المريض بسماعها :
1 – تبشر أن بعد هذا الابتلاء نعمة محسوسة وشفاءً ملموسة ورحمة في قلب المريض محروسة ومغفرة لكيانه مغروسة ، فأبشر فإن الله تعالى لم يصبك بهذا المرض لا لأنه يبغضك أو يقليك بل ليبلوك ويصطفيك فيقرّبك إليه محبّة فيك ورأفةً ، ويضمك إلى عباده الأخيار من خلقه لطفاً بك ، ذلك من فضل الله عليك وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون فلا يشكرون .
2 – وأن بعد الشفاء والصبر المُرّ شكراً وسروراً ووضاءة للوجه ونوراً . فأبشر قال تعالى : ﭽﮈ   ﮉ  ﮊ  ﮋﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ    ﮐ  ﮑ  ﮒ   ﮓ   ﮔ  ﮕ   ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﭼ  يوسف: ٥٦ – ٥٧ . إذاً كلما جاء من ربنا الجليل فهو أمر جميل عرفت أم جهلت شئت أم أبيت .
3 – أبشر أن جعلك الله ممن شعارهم : ﭽ ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ     ﮊ  ﮋ   ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ    ﮕ  ﭼ التوبة: ٥١ .
4 – حينئذ يشعر المريض المسلم أنه سينتقل من عالم الضيق والحزن المتصاعد للتنغّص الحالي فيتحول إلى عالم الفسحة والانشراح والسرور فالله  رءوف بالعباد .
فهي كلمات تخفّف عما عليه المريض من كدرة الأحوال ، فهو مهموم بالليل البهيم مغموم في الظلمات ، يخاطب نفسه في معزل مسكين .
ولا ينبغي في هذا الأوان للمريض أيّاً كان أن يشعر فراغاً وجدانياً عاطفياً عند أقربائه كي لا يمل فيكون سبباً لقسوة قلب وتنافر ، إن ذلك لا قدّر الله تشتت شمل الأسرة ، وتقطع العلاقات الاجتماعية.

6 – فتكون هذه الكلمات المحمدية تسلية ربّانية لديه من صيدلية الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم فيزداد قلبه ثقة بالله على المرض لتذكره بتكريمه وتفضيله على كثير من الخلق . ولتوكّله على الله الكافي ورجاه لما في يديه الكريمتين ، فلا ييئس ولا يقنط ولا يمل من رحمته ، فهو واسع المغفرة وهو باسط اليدين بالرحمة فالله لا يشغله سائل ولا ينقصه نائل يعلم أن الفرج قريب وأنّ مع العسر ميسرة وأن كاشف الهم والبليّة هو الله بيده مفاتيح الفرج له الخير كله وإليه يرجع الأمر كله  ﭽ ﮞ  ﮟ  ﮠ   ﮡﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﭼ الأعراف: ٥٤ . وقال أيضاً سبحانه : ﭽ ﮋ  ﮌ       ﮍ    ﮎ  ﮏ    ﮐ   ﭼ السجدة: ٥ .
فلنستمع معاً إلى هذه الأبيات الظريفة التي فيها إرشادات قيّمة وتوجيهات تفيدنا بإذن الله لحقيقة الرجاء في الله والاعتماد على الله والرضاء بقضاء الله ، ويوم أن بلغ الحزن واليأس منك مبلغه فلا تيئس ولكن قل لله درّ القائل :
ياصاحب الهم إن الهم منفرج

 
  أبشر بخير فإن الفارج الله

 
اليأس يقطع أحياناً بصاحبه

 
  لا تيأسنّ فإن الكاشف الله

 
إذا بليت فثق بالله وارض به

 
  إن الذي يكشف البلوى هو الله
إذا قضى الله فاستسلم لقدرته

 
  ما لامرئ حيلة فيما قضى الله

 
الله يحدث بعد العسر ميسرة

 
  لا تجزعنّ فإن الصانع الله

 
والله مالك غير الله من أحد

 
  فحسبك الله في كل لك الله

 
الله لي ذخرٌ في كل نائبة

 
  أقول في كل حال حسبي الله

 
 
 
7 – في هذه الكلمات الشعرية والتي قبلها أي : لا بأس طهور إن شاء الله ، يعلم المريض المسلم أنه كان في قلعة الخطيئة والطغيان حيراناً . وسيصبح عما قريب إن شاء الله رب العزة والجلال إلى رحاب المغفرة والرضوان كيوم ولدته أمه ، من الطهر والنقاء ، إن صبر واحتسب وجاهد النفس عند الصدمة الأولى حتى لا تكفر أو تشرك بدعوة أحدٍ مع الله .
فلقد كان الشيطان جاثماً على قلبه يقنطه ويسوّله ويجسّم عليه الآلام ضخماً ، ويمكر ويحتال ليدفعه إلى وادي الكفر ويرميه في حفرة الشك لينسيه ذكر ربّه ونعمه التي لا تعدّ ولا تحصى والتي كان يتقلّب معما ليلاً ونهاراً ويتنعّم بها من قوة وغنى وصحة وفراغ ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ففي الحديث : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ حديث صحيح .
8 – فبهذه الكلمات المحمديّة يفيق المريض من المس والصرع ، ويتذكر : أن صحته ومرضه وعافيته وبلاءه وسلامته وفتنته ، ويقظته ومنامه ، وغناه وفقره ، وحياته وموته ، شباعه وجوعه ، قوّته وضعفه عيبه وستره ذنبه ومغفرته عذابه ورحمته من فيض جود الله وكرمه يتصرف فيها كيف يشاء وكل ذلك بيده سبحانه .
ولمثل هذه المناسبة روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم في جوف الليل يثنى على الله ويدعوه قائلاً : اللهم إني أعوذك برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، ولا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك .
وقال تعالى : ﭽ  ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰ  ﮱﯓ  ﯔ    ﯕ  ﯖ  ﯗ         ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ     ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣﯤ   ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩ     ﯪ  ﯫﯬ  ﯭ  ﯮ          ﯯ      ﭼ فاطر: ١ – ٢ .
وقوله صلى الله عليه وسلم في كلماته هذه : إن شاء الله ، تفيد أن لا تسأل غير الله ، فالمشيئة المطلقة بيده تعالى . فأكثر بذكر هذه الأبيات :
ما في الوجوه سواك رب فيعبد

 
  كلاّ ولا مولى هناك فيقصد

 
فأنت الإله الواحد الحيّ الذي

 
  كل القلوب له تقرّ وتشهد

 
 
 
9 – وهذه الكلمات  المحمدية المباركة تهزّ بما يعتري المريض ويصيبه ويباريه من ثقل الوجع المزعج وبأسه المُقعد , وتزلزل غلظ الألم المحزن وخطره المغلق فلا يتحرك ولا يتنقل ، وتطفئ لظى نيران الجسم الوخيم .
بعد أن أبردت سخون البدن المؤلم ﭽ  ﭳ     ﭴ  ﭵ    ﭶ       ﭷ     ﭼ البقرة: ١٥٦ .
إن كنت بجانب المريض يتلقّى منك درساً مفيداً عقديّاً عند قوله تعالى : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ      ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ       ﭙﭚ  ﭛ   ﭜ  ﭝ    ﭞ  ﭟ  ﭠﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧﭨ   ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭼ يونس: ١٠٧ . فمن الله الفرج وإليه المشتكي وبه المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله الحنان المنان .
10 – هذه الكلمات المحمدية البليغة والجامعة تقول لك : أحسن الظّنّ بالله فهو سبحانه يقول : في حديث قدسي : أنا عند ظنِّ عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني . إياك ثم إيّاك أن تظنّ بالله غير الحق ظنّ السوء فالظنّ أكذبُ الحديث لا تعتقدنّ ولا تحدّثْ نفسك أن الموت الذي هو نهاية هذه الحياة الدنيا ببابك ، لا وكلاّ وألْف لا . الموت في وادٍ والمرض في واد آخر ، ما بين الموت والمرض أبعد ما بين المشرق والمغرب . ولله در القائل :
كم من صحيح مات من غير عِلّة             وكم من سقيم عاش حيناً من الدهر

 وقول الله أبلغ ﭽ ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ   ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ   ﭼ الرعد: ٣٨ – ٣٩ . وقال تعالى : ﭽ ﮥ  ﮦ   ﮧ  ﮨ     ﮩ  ﮪ   ﮫ  ﮬ     ﮭ  ﮮ  ﮯﮰ  ﮱ   ﯓ    ﯔﯕ  ﯖ   ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟ   ﭼ يونس: ٤٩ . وقال تعالى : ﭽ  ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼﯽ   ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﰂ  ﰃﰄ  ﰅ      ﰆ  ﰇ  ﰈ  ﰉ   ﭼ لقمان: ٣٤ . فهذه الآيات القرآنية تبين وضوحاً أن للموت أجلاً وإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون . وليست بينه وبين المرض أدنى علاقة ولا صلة ترتبط يوماً بين هذه وتلك ، فالمرض قد يؤثر في مسار العقل والجسم أو البدن . أما الموت فيؤثر في حياة الروح التي من أمر الله قال تعالى : ﭽ ﯮ  ﯯ  ﯰﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ   ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ  ﯽ  ﭼ الإسراء: ٨٥ . وهو القائل سبحانه : ﭽ ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶ   ﭷ  ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭼ الحجر: ٥  .
تلك الآية القرآنية التي بها تعلم حقيقة الموت هي قوله تعالى : ﭽ ﮒ  ﮓ    ﮔ  ﮕ  ﮖ  ﮗ    ﮘ   ﮙ  ﮚ        ﮛﮜ  ﮝ  ﮞ      ﮟ  ﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ   ﮧ   ﮨﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﭼ آل عمران: ١٤٥ .
ونختم هذا المقال في هذه الكلمات المحمدية الجامعة بقوله صلى الله عليه وسلم مؤكداً لما سبق ممّا يطمئن المريض أنّ بعد هذا المرض مزيداً من العمر في المستقبل السعيد إن شاء الله ذو العرش المجيد يقول صلى الله عليه وسلم : إنّ روح القدس نفث في روعي أنّ نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب . الحديث رواه البغوي وصححه الألباني . ولله در القائل:
         مشينا ها خطي كُتبت علينا            ومن كتبت عليه خطي مشاها
ومن كانت منيتــه بأرض        فليس يموت في أرض سواهـا
وأمّا الأثر الثاني الحسّى :
فبادر يا أخي المسلم بعيادة المريض فزيارتك له مفيدة للغاية تتعاطف معه ، ويستفيد منك كثيراً ، بالنظر إلى وجهك المبتسم كمُحبّ حنون ، والاستماع إلى عباراتك الحلوة الحيوية والاقتراب إلى جانبك اللين كأخ ودود ، فتناوله الأدوية وقت الحاجة والطعام الشهّي وتسقيه الماء عند الظمأ وهو عاجز عن أخذه فضلاً عما فوق ذلك من الاحتياجات اللازمة .
وتذكّره بالله عز وجل وبما أعدّه للصابرين المتجلدين قال تعالى : ﭽ ﰓ   ﰔ   ﰕ  ﰖ  ﰗ  ﰘ  ﰙ   ﭼ الزمر: ١٠ .

وقال تعالى : ﭽ ﮆ   ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ   ﮏ  ﮐ  ﮑ      ﮒ  ﮓﮔ  ﮕ  ﮖ   ﮗ  ﮘ  ﮙ   ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﭼ العنكبوت: ٥٨ – ٥٩ .
مما يستفيد من عيادتك المريض ، تجلسه عند الحاجة بعد الملل والتعب من مدة قضاها مضطجعاً أو مستلقياً على شق فريد .
أو تقيمه وقت المطالبة ليمشى قليلاً فتتّحرك أعضاءه ثم ينشط الجسم من جديد ، أو تغير له الثياب بعد أن كان اللباس متسخاً وعفن أو بلي لطول الارتداء به ، فتهيّئ له ملبساً جديداً أو جوّا طيّباً وتواسيه في بؤسه وآلامه المعاناة .

كل هذه الخدمات الإنسانية وغيرها من المساعدات اللازمة بسبب عيادتك له وبفضل الله ثم بإحسانك إليه تلبيةً للحقوق الإسلامية التي أمر بها الشرع . وهذا يدخل في إطار الأخوّة . ومثل الأخوين كمثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى ، فلا يستغنى الإنسان مهما كانت ظروفه ومكانته عن الناس . لذلك تصبح النفس قابلةً للصبر والشكر ، والرجاء في الله القدير المزيد من العطايا ، لا يخيب الظن فيه ولا يضعف الاعتماد عليه ضئيلاً . بل بيده ملكوت كل شيء وإليه المرجع والمآب .
فيهمس في ضمير نفس المريض حضورك بلسان الحال قبل المقال :
إن الذي خلقني وهداني لا شكّ هو الله ، والذي رزقني ووهب لي الصحة والعافية والفراغ وأعطاني الجاه والمال هو ربّي ومالكي بمشيئته يتم لي فتح الأبواب من الرحمة والفضل ، وبمشيئته تمسك .
فلا يليق لي أن أفرح بالدنيا إن أقبلت فرحاً يطغيني ، ولا أن أحزن عليها إن أدبرت حزناً يقنطني ، بل الواجب أن أقابل ما جرت به المقادير بالشكر والمدح والثناء على الله اللطيف ، وإفراده على الاطلاق وبأيّ حال صرت إليها : صحيحاً أو سقيماً ، قوياًّ أم ضعيفاً غنياً أو فقيراً مبتلى أم معافى فالله أولى بها هو مولاي فنعم المولى ونعم النصير .
وأما تدري أنّ كلاً منّا محمّل بالذنوب ومعرّضً للعقوبة ؟  ، ومن يدري أن هذا المرض سبب أكيد ودافع قويّ للكفارة والطهور ؟؟ ، لذلك كان الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضاً يقول له : لا بأس طهورً إن شاء الله .
والله هو الرب الجليل بجوده وكرمه الدءوب ينال المسلم خيراً من بره وإحسانه : إن نظر إلى الذنوب والمعاصي فإن كلاً يستحق العقوبة ولكن مغفرته سبحانه أعظم وفضله أتم ورحمته أعم فهو أرحمن الراحمين قال تعالى : ﭽ ﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ    ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ   ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮﭼ النحل: ٦١ . وقال تعالى : ﭽ ﮫ   ﮬ  ﮭ  ﮮﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ   ﯗﯘ  ﯡ   ﭼ الكهف: ٥٨ . فلندعو الله دائماً ونقول :
اللهم إن عفوك عن ذنوبنا وتجاوزك عن خطيئاتنا أطعمنا أن نسألك مالا نستوجبه مما قصّرنا فيه ، ندعوك آمنين ونسألك مستأنسين وإنك لمحسنٌ إلينا وإنّا لمسيئون إلى أنفسنا فيما بيننا وبينك ، تتودّد إلينا بالنّعم ونتبغّض إليك بالمعاصي ، ولكنّ الثقة بك حملتنا على الجراءة عليك فعُدْ بفضلك وإحسانك علينا إنّك أن التواب الرحيم . لا إله غيرك والبديع ليس قبلك شيء والدائم غير الغافل والذي لا يموت وخالق ما يرى ولا يرى وكل يوم أنت في شأن . وسعت اللهم كل شيء رحمة وعلماً يا رحمان يا رحيم يا حليم يا كريم يا أحد يا صمد يا حيّ يا محيي يا حيّ يا قيّوم .  لا إله إلا أنت يا ربّنا إنا عبيدك وفي سبيلك اجعل لنا السبيل إلى كل خيرٍ ، إلى خير الإسلام والإيمان والقرآن إلى خير العبادة والطاعة والغفران إلى خير العلم والنور والبيان إلى خير الذكر والشكر والإحسان إلى غير الدعوة والجهاد بالأعوان إلى خير الصّدق والعدل مع الإخوان إلى خير الحق والصّبر لدى الجيران إلى خير الحلم والجود والعرفان إلى خير الصحة والعافية في الأبدان إلى خير العقل والبطن واللسان إلى خير زوجة صالحة مطيعة بلا عدوان إلى خير ذرية طيبة للعمران إلى خير ستر العيوب بالأوان إلى خير التخلص من كيد الشيطان إلى خير تيسير الحساب عن الميزان برحمتك يا رحيم يا رحمان  .

فهو سبحانه يحب الخلق كلهم إنهم عيال الله كرمهم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً بارزاً ، وهو يريد أن يتوب عليهم كل لحظة وفرصة ، ويتأكد ذلك في أحاديث نبويّة نذكر بعضها ليطمئن قلب المريض المصاب :
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة . رواه مسلم .
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يصيبه أذًى من مرض فما سواه إلا حظّ الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها . رواه البخاري ومسلم .
وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته . رواه مسلم .
لقد كانت روح المؤمن تقبل قبول المطلق . وترضى رضاءً كلّياً بقضاء الله وقدره من فقر وبأس وجوع وموت وقحط ، لأنها ترتبط بالعالم العلوي وتثبت لله الوحدانية في ربوبيته وألوهيته وصدقه ، ومن أصدق من الله قيلاً .
اسمع إليه وهو يقول جل من قائل : ﭽ ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ   ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩﭪ  ﭫ   ﭬ    ﭭ  ﭮ  ﭯ       ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ     ﭴ  ﭵ    ﭶ       ﭷ     ﭸ  ﭹ  ﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾﭿ  ﮀ   ﮁ  ﮂ  ﮃ  ﭼ البقرة: ١٥٥ – ١٥٧ .
فلا يسع لروح المؤمن أن تأبى قضاء الله وتكره قدره بل تخضع لهما بالانقياد والطاعة والتسليم ، ثم لا تشعر في النفس حرجاً مما قضى تبارك  وتعالى قال سبحانه : ﭽ ﮠ   ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﮧﮨ  ﮩ   ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰ   ﮱ  ﯓ    ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘﯙ   ﯚ    ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﭼ البقرة: ٢٠٧ - ٢٠٨   .
ولكنّ النفس البشرية الضعيفة والمقصرة من جسم وبدنٍ وشهوة لا تقوى على الصبر والتحمل لأنها ليست تألف النصب ولا تحب مثلها . فهي جبلت على حب الراحة وخلقت حريصة على الحياة الدنيا من لعب ولهو وزينة . يصف ذلك بالدقة والتفصيل ربنا البارئ في قوله جلّ من قائل : ﭽ ﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ     ﮦ  ﮧ  ﮨ   ﮩ  ﮪ  ﮫ    ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯﮰ  ﮱ  ﯓ   ﯔ    ﯕﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﭼ آل عمران: ١٤ .
فاعتبر وقل الحمد لله على كل حال وأعوذ بالله من حال أهل النار . اللهم إن كنت قد ابتليت فقد عافيت كثيراً وإن كنت قد أصبت فطالما سلّمت وإن كنت اللهم قد عذّبت فقد عفوت عن كثير فاعف عن أكثر فإنك أنت العفو . قلت وقولك الحق : ﭽ ﯴ  ﯵ  ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ    ﭼ الحجر: ٤٩.
وإذا أمعنت النظر واستعملت التفكر بدقة في هذه المذكورات كلها وما تضمنتها من إمكانيات الترف وعناصر المغريات يتلذد بها الإنسان ويتنعم . قال تعالى : ﭽ ﯝ     ﯞ  ﯟ   ﯠﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ   ﯩ    ﭼ لقمان: ٣٣ .

ولذلك تتوجع النفس وتبكى من غير دموع وتتأسف وتشتكي إذا فقدت متاع الدنيا وقال سبحانه: ﭽ ﮯ  ﮰ  ﮱ    ﯓ  ﯔ    ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ   ﯙ  ﯚ  ﭼ النساء: ٧٧ .
فتتألّم النفس لمثل هذه الأمراض فبها تُحسّ شقاوة الدنيا ، وكم من مرة حاولت التخلص منها فتمكر بكل وسيلة من الوسائل المتاحة لها ولا تكاد تبين ، بالشكوى إلى الخلق تارة وبالتجلّد والتحمل تارة أخرى ، وذلك خير وأحسن تستر ، فإن الإنسان خلق ضعيفاً ، ومن الناس الذين بلغ الضعف عندهم مبلغه يريدون الانتحار ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم للوصول إلى النهاية وليست تلك هي النهاية قال تعالى :  ﭽ ﯟ  ﯠ    ﯡ  ﯢ  ﯣ    ﯤ    ﭼ المؤمنون: ١٠٠ .
وقال تعالى : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ     ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭼ الزمر: ٦٨ .
وقال سبحانه : ﭽ ﮫ  ﮬ  ﮭ     ﮮ  ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ   ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ     ﯚ  ﯛ  ﯜ   ﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ   ﯥ  ﯦ      ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭﯮﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ   ﯴ  ﯵ  ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ      ﯺ   ﯻ  ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﭼ يس: ٤٩ – ٥٣ .
فهذه المعاني التي تتجلّى من خلال هذه الآيات القرآنية غالباً تتشكل حقيقة في الإنسان الذي خلق هَلوعاً ، كما وصفه سبحانه في سورة المعارج : ﭽ ﮀ  ﮁ  ﮂ            ﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ     ﮈ  ﮉ  ﭼ المعارج: ٢٠ – ٢١ . أما عباد الله المخلصون فأرواحهم مؤمنة وأنفسهم راضية تتحمل هذه الابتلاء الربانية دون الشكوى أو طلب معونة إلى غير الله تعالى . ويكفي في ذلك النموذج الأمثل الذي ذكرت قصته في القرآن ، فبأي حديث بعده يؤمنون ؟؟ إنه نبيّ الله أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام . فلقد قص علينا القرآن الكريم عن هذا النبي الوفي كيف كانت ردود فعله حيث أن كان غنياً قوياً صحيحاً ومعافي حوله أبناء وأقرباء ورفقاء ، لكن انظر إلى انفعالاته الإيمانية حين أصيب بمرضه الذي بلغ به إلى أسوء حالة يكون بها الإنسان . فحدث ولا حرج إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار .
أصبح يوماً من الأيام مبتلى عليلاً فذهب المال وتغيّرت القوة إلى ضعف شديد وبدّلت صحته مريضاً اليوم ، فلم يعد يستطيع قياماً ولا قعوداً إلا بمساعدة غيره بل أشد من ذلك كان معه من وجع وتوحّشٍ ، فنفر الناس منه وانقطعوا عن اتيانه لعفن قروحه التي عمّت جميع جسده فلا يكاد إنسان يضع أصبعه إلا وبه قرح عفن ، ورائحتها منتنة ، ويا له من عبد مؤمن ولسان ذاكر وقلب شاكر وبدن على البلاء صابر ونفس راضية بقضاء الله وقدره ، غير غضبان إنه قصة نبي ورسول كريم ، ولكن ومن أوفي بعهده من الله ، قال تعالى : ﭽ ﮐ  ﮑ  ﮒﮓ  ﮔ  ﮕ            ﮖ  ﮗ   ﭼ الأعراف: ٧ .
يقول الله تعالى : في محكم تنـزيله : ﭽ ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﰂ  ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ  ﰇ      ﰈ  ﰉ  ﰊ  ﰋ  ﰌﰍ  ﰎ  ﰏ  ﰐ  ﰑ  ﰒ   ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ    ﭛ  ﭜ  ﭝ   ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢﭣ  ﭤ    ﭥ  ﭦﭧ   ﭨ  ﭩﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭼ ص: ٤١ – ٤٤ .
اسمع ، فمن المخاطب هنا في هذه الآيات القرآنية المباركة والموجّهة إلى الصواب والنجاح ؟ إنه هو سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن ألا يمكن أن نأخذ من هذا الخطاب عبرة وذكرى وتفصيلاً ؟ بلى فإذا رأيت آية من القرآن الكريم يخاطب الله بها نبيّه محمداً من قصة وموعظة فاعلم أنها تعمّ المؤمنين من الأخذ بهاء فهي كمنفعة عامة لا يختص بها فلان دون علان ، قال تعالى : ﭽ ﯫ  ﯬ        ﯭ  ﯮ  ﯯ  ﯰ  ﯱﯲ  ﯳ  ﯴ    ﯵ  ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ     ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ      ﰂ  ﭼ يوسف: ١١١ . وقال تعالى : ﭽ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ  ﭰﭱ  ﭲ   ﭳ   ﭴ    ﭼ الأعراف:  ١٤٥ .
فهذا النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم محلّ الاقتداء في حياة المسلم كلّها عقدياً شرعياً وخلقياً . قال تعالى : ﭽ ﭡ  ﭢ  ﭣﭤ  ﭼ النور: ٥٤ .
وقال تعالى: ﭽ ﮍ  ﮎ    ﮏ  ﮐ  ﮑ   ﮒ  ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ      ﮗ  ﮘ  ﭼ النور: ٦٣ وقال تعالى : مؤكداً لوجوب الاقتداء بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقول من قائل : ﭽ ﯯ  ﯰ        ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ   ﯶ  ﯷ     ﯸ         ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ                 ﯽ  ﯾ  ﯿ          ﭼ الأحزاب: ٢١ .
وبعد هذا التبادل الاعتراضيّ من موقف الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بين الأمة وواجب المسلم نحوه صلى الله عليه وسلم .
نكمل الحديث مع نبي الله أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام في القرآن قال تعالى: ﭽ ﭠ  ﭡ      ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦ      ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ   ﭫ  ﭬ   ﭭ  ﭮ  ﭯ   ﭰ   ﭱﭲ  ﭳ  ﭴ    ﭵ  ﭶ   ﭷ  ﭸ     ﭹ  ﭺ  ﭻ  ﭼ   ﭼ الأنبياء: ٨٣ – ٨٤ .

المؤمن الصادق يحقق إيمانه في جميع تصرفاته بجانب صبره الجميل على بلاء يصيبه لاكتشاف سر الإيمان في قلبه . فلم يَيْأس يوماً أيّوب عليه السلام ولم يقنط من رحمة الله ، حاشا لله إنه أوّاب ويعلم أن الله كان للأوابين غفوراً . وأمثال هؤلاء هم الأبرار وألئك الصابرون الذي عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وألئك هو المهتدون . فاشكر الله شكراً جزيلاً بلا مجاملة . واصبر صبراً جميلاً بلا ملائمة . ذلك لأن الصبر هو الحلية التي إذا تحلى بها العبد يرتقي بها إلى درجات لا ينالها إلا الصابرون ويتجلى بها فوق قمم الروحانيات عند الله تعالى . والصبر بعموم معانيه لشتى ، فيتناول جميع أنواع الصبر الثلاثة .
أولاً : الصبر على طاعة الله ، أي حث النفس وإلزامها على القيام بالواجبات من امتثال أوامر الله وتعاليم نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وتركه نواهيه سبحانه وتحذيراته من مخالفة سنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام .
ثانياً : الصبر عن معصية الله تعالى ، أي : حبس النفس ومنعها أن لا تقترف كبيرة ولا صغيرة من الحر مات وكفها عن انتهاك المكروهات حتى لا تقع في المحارم غيباً ومشاهدة استحياءً من الله جل علاه.
وفي هذا الموقف شيئان عجيبان وهما : إن الإنسان حينما يفعل فاحشة فيعصى الله سبحانه ، إما أن يعتقد في نفسه أن الله لا يراه فأشرك ، والعياذ بالله . أو أن الله فعلاً يراه فجعل الله تعالى أهون الناظرين إليه والكل مصيبة فنسأل الله السلامة والعافية وحسن الختام .
ثالثاً : الصبر في قضاء الله وقدره أي : الرضا بكل ما جاء من عند الله تعالى ونفي الحرج والشكوى من جميع أجزاء قلبك ويقابل ذلك بالتسليم : فيقول فيما يسرّه : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وفيما يكره يقول : الحمد لله على كل حالٍ .
ونلتمس الدليل فنجد أحسن مثال حيوي في ذلك من حياة نبي الله إبراهيم الخليل . لقد لبث في قومه سنوات عديدة لم يلد ولداً ، فلما رُزق بمولود وبلغ من العمر شاباً أمر بقتله ، بل ذبحاً بالسكين ، ووافق إبراهيم عليه السلام رضاً وتسليماً وكان ابنه إسماعيل عليهما السلام مشاركاً أباه نصيباً كبيراً وجانباً مثالياً في الصبر إنه كان مؤمناً بالله ومطيعاً لأبيه عليهما الصلاة والسلام لأنه تربّى في بيت نبوّة تنـزل فيه السكينة وتغشاه الرحمة فيزداد إيماناً مع إيمانه ، وترعرع بنور الوحي الإلهي ، فكانا من أورع الأمثلة برضاء الله والاستسلام له الواحد الأحد الفرد الصمد . ولا مانع أن نعطر هذا المجلس من قصة إبراهيم الخليل وإسماعيل النبيل بكلام الله في القرآن الكريم . فهيا بنا إلى رحاب القرآن نستمع إلى ربنا الرحمن يقص علينا قصة إبراهيم الخليل مع قومه وملكهم كيف كانوا يعبدون الأصنام ، ويظلّون للتماثيل عاكفين . فبدأ إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى تركها بأسلوب عقلاني ومنطق بشري بمقارنة قدرة الله وآياته الكونية مع ضعف المخلوقات ونقائصها وعيوبها الفطرية إلى أن قال : من سور الصافات آية 83 ،وكان حواراً حارّاً شديد اللهجة وشفافية العبرة ، ﭽ ﮁ   ﮂ  ﮃ  ﮄ  ﮅﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ   ﭼ البقرة: ٩٠ . ثم دعا إبراهيم ربّه فقال وهذا محلّ شاهد : ﭽ     ﯨ  ﯩ   ﯪ  ﯫ    ﯬ  ﯭ  ﯮ  ﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ       ﯴ  ﯵ  ﯶ    ﯷ    ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ  ﯽ   ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﰂ      ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ  ﰇﰈ  ﰉ   ﰊ  ﰋ   ﰌ  ﰍﰎ  ﰏ  ﰐ   ﰑ  ﰒ  ﰓ  ﰔ  ﰕ   ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ     ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ   ﭛ  ﭜﭝ  ﭞ  ﭟ        ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤ  ﭥ   ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ   ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ     ﭹ  ﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﮀ  ﮁ   ﮂ    ﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈﮉ  ﮊ  ﮋ   ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﭼ الصافات: 99 – ١١٣ .
فهذا هو الإيمان الحق الكامل الذي يوجب لصاحبه الرضا مهما كان نسبه ويؤديه إلى زمرة الصابرين المحتسبين الذين قال الله في حقهم في غير موضع من القرآن: ﭽ ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ   ﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ   ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ   ﭼ الإنسان: ١٢ - ١٤ .
لهذا يقول شاعر بعد أن عاش وعاين مشاعر الصبر وذاق فوائده الملموسة :
         الصّبْر مثل اسمه مُرًّ  منداقته            لكن عواقبه أحلى من العسل
وقول الله أبلغ: ﭽ ﮟ  ﮠ  ﮡ       ﮢ   ﭼ فاطر : ١٤. يقول الله تعالى : ﭽ ﮊ  ﮋﮌ   ﭼ يوسف: ١٨ . وقال تعالى : ﭽ ﯰ       ﯱ  ﯲ  ﭼ المعارج: ٥ . عبّر مولانا تبارك اسمه عن الصبر هنا وهناك بصيغة النكرة ليفيد أنّ الصبر أيّ صبر ومهما كان نوعه فلا يأتي إلا بخير ولا شك أن عقباه محمودة إن شاء الله تعالى . ولكن من جانب التخصيص أنّ المرض بالذات ميدان للمزيد من الإيمان والذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع الواعيَ فهذا هو ذو قلبٍ سليم من الوساوس والشكوكِ . ولعلّ الله يلقى له بالاً فيذكّره نفسه ، لأن العبد سرعان ما تزلّت أقدامه عن ذكر الرحمن وريثما نسي الله نسيه الله فأنساه نفسه ، وذلك هو الضلال البعيد . قال تعالى : ﭽ ﮤ  ﮥ   ﮦ  ﮧ  ﮨﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬ   ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕﯖ   ﯗ    ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﭼ التوبة: ٦٧ .
لذلك روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : وما أعطي أحد عطاءً خيراً ولا أوسع من الصبر . يا له من بلاغة ! صدقت يا رسول الله والله لقد أعطيت جوامع الكلم . لقد علّمك شديد القوى ، فحدّث وأدبك ربك فبلّغ ، صلى عليك الله .
ومن الناس من طبيعته إذا رُزق المال يطغى ، أو أعطي العافية فينسى قال تعالى : ﭽ ﮔ  ﮕ    ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ    ﮛ   ﮜ  ﮝ     ﮞ   ﮟ  ﮠ    ﮡ  ﭼ العلق: ٦ – ٨ . استغنى عن اللجوء إلى الله الغني الحميد والاستعانة به والتوكّل عليه . واستغنى عن التعاون مع الناس والاحسان إليهم قال تعالى : ﭽ ﯵ  ﯶ  ﯷ   ﯸ  ﯹﯺ   ﯻ  ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿﰀ  ﰁ   ﰂ  ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ   ﭼ القصص: ٧٧ . وإذا كان وإذا كان ذلك كذلك يرى نفسه في وادٍ والناس في وادٍ آخر ، فلا تبقى له صلة بالله ولا الثقة بالناس ، فاستولاه الشيطان فكان من الغاوين . لمثل هذا يقول الله في حقه : ﭽ ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﮧ   ﮨ   ﮩ  ﮪ   ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰ     ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ   ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ       ﯢ  ﯣ  ﭼ الإسراء: ٦٣ – ٦٤ .
أما من أوتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً . فبها يتذكّر فيتزكّى وارتقى وإذا منّ الله عليه باليقين الصادق والاعتماد اللايق على الله الخالق يشفى . والله يمن على عباده الذين اصطفى بالإنابة إليه والذكرى ، فأتيحت الفرصة للمريض المسلم مرة أخرى لينتهز هذه الفرصة ويغتنمها للتقرّب إلى الله والتعرف به والخضوع له والانكسار بين يديه سبحانه والسمع والطاعة لأمره والاتصال به في جميع الأزمنة اتصالاً صحيحاً لا  شوائب فيه فقويت الروح وعزّت النفس للمجاهدة فتعاونا على دفع الداء وأضراره وجلب الشفاء ونفعه ، فالله إذا أراد الشفاء هيّأ له جوًّا قابلاً  ، ووقتاً مناسباً ودواءً ذلولاً ثم أمرها بالطاعة طوعاً أو كرهاً فتمّ الشفاء بإذن الله تعالى قال سبحانه : ﭽ    ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮟﮠ   ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬ   ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓﯔ  ﯕ     ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ   ﯛ  ﯜﯝ  ﯞ  ﯟ      ﯠ  ﯡ  ﯢ        ﯣﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧ     ﯨ  ﯩ            ﯪ  ﭼ المدثر: ٣١ .

 
ملاحظة مفيدة
أخي في الله لقد كنت على حال بئيسة لم يكن يعجبك فيها طعام طازج ولا شراب شهي ولا زخرفة من زخارف الدنيا لأنك مُنعْت برد العيش ورغده ، وكأنك فطشت من زينة الحياة وملذاتها ، فلقد كنت لا تتمتع بطعام ولا تهنأ بمنام فلانك سئمت من حياة بجميع أصنافها وأشكالها حلوها ومرّها جميلها وسييها ، فأعاد الله الرب الرءوف والملك الحنون أعادلك حياة جديدة بعد الخيبة واليأس . فقم واحمد الله ربك ولا ربّ سواه وقل :
الله ربي لا أريد سواه           هل في الوجود حقيقة إلا هو
 
ويكفيك عزّا أن يكون الله ربّك كما يزيدكم فخراً أن تكون له عبداً  فاحمد الله ودم طيباً على طاعته   فهو مولاك ما ودّعك ربّك وما قلى وللآخرة خير لك من الأولى وإذا ضاق بك الحال فقل يا الله فهو لطيف خبير فيا أيها المريض المبتلى سلمك الله ويا أيها العائد المعافى حفظك الله .
فهيّا بنا للقيام بإيجاد هذا الحبّ والتضامن في واقع الحياة وتلك الطاعة إلى حين الوجود في تقوية الصلة التي بينك وبين ربّك فيزداد إيمانك به سبحانه ولتربط هذا الإيمان على كلام الله تعالى وهدى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في كل حال ومآل لا إيماناً متبذباً لا يكون له قرار ولا يتمكن له ثبات ولا على جانب يسير متطرف جدّاً من الإيمان قال تعالى تهكّماً : ﭽ ﮖ  ﮗ          ﮘ  ﮙ     ﮚ  ﮛ  ﮜﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ  ﮡ  ﮢﮣ  ﮤ  ﮥ     ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ  ﮫ  ﮬﮭ  ﮮ  ﮯ   ﮰ   ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ   ﯚ   ﯛ  ﯜ  ﯝﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ   ﯢ      ﯣ  ﯤ  ﯥ     ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ   ﯯ   ﭼ الحج: ١١ – ١٣ .
فهذا تعبير قرآنيّ عن وصف اتصف به صنف من الناس وعجيب هو : يطمئن وينشرح قلبه حال انبساطه بتخصيص الله له نصيباً من الدنيا وزينتها فقل متاع الدنيا قليل ، فهو أوشك أن يبغي وقد صدق الله إذ يقول : ﭽ ﮨ  ﮩ  ﮪ  ﮫ   ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ     ﯔ  ﯕﯖ  ﯗ     ﯘ   ﯙ   ﯚ  ﭼ الشورى: ٢٧ . ولا تكن كهذا ولا ذاك فهو لا حظّ له عند الله : ﭽ ﯭ   ﯮ  ﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ    ﯴ  ﯵ  ﯶ     ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ   ﯻ  ﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ   ﰀ   ﰁ  ﰂ  ﰃ  ﰄ  ﰅ   ﰆ  ﰇ  ﭼ آل عمران: ٧٧ .
إنه لسريع اليأس والكفر بنعمة الله ، وعجول قنوط ، والأخبث من لك والأشر أنه لمّا ضعف حين أراد الانقاذ والنجدة يلجأ إلى ضعيف مثله وفقير ذليل وحقير ليلتمس منه النجدة ويستغيث به فازداد ضعفاً إلى ضعفه وحيرة إلى حسرةٍ ، يا له من ويل وهلاكٍ .

فبشر الله بالخير أهل الإيمان الصادق الذين يتبع إيمانهم عملٌ صالح مكسوّا بالعقيدة الصحيحة الراسخة التي كان عليها السلف الصالح رضي الله عنهم يبشرهم ربهم بالبشرى العظمى ، فهو الأول الآخر الظاهر الباطن الذي يتولى الصالحين فقال تعالى  : ﭽ ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ  ﯶ  ﯷ   ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻﯼ  ﯽ  ﯾ  ﯿ   ﰀ  ﰁ  ﰂ  ﭼ الحج: ١٤ .
فيا أيها المريض لا بأس طهور إن شاء الله ، إن هذا المرض فرصة لطيفة أتاحها الله لك للعودة إليه تابيا مخبتاً أوّاها ومنيباً فهو اللطيف الخبير : ﭽ ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ   ﯟ     ﭼ البقرة: ٢٢٢ .
لقد أمرنا بالتوبة وأمره مطاع حيث يقول جلّ من قائل : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ   ﭛ  ﭜ     ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ   ﭢ  ﭣ  ﭤ   ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ   ﭬﭭ  ﭮ  ﭯ  ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ   ﭵ  ﭶ  ﭷ  ﭸ      ﭹﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﭼ التحريم: ٨ . وقال تعالى : ﭽ ﮄ  ﮅ    ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ  ﮊ      ﮋ   ﮌ  ﭼ الفرقان: ٧١ .
فلا تأخر التوبة ولا تؤجلها لأنّك لا تدري ما الله بك صانع ، قال تعالى : ﭽ ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼﯽ      ﭼ لقمان: ٣٤ . فالتسويف مهلك وغرور ، والمبادرة إلى التوبة مضمون القبول قال تعالى: ﭽ ﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾ  ﭿ  ﮀ   ﮁ           ﮂ  ﮃ  ﮄ  ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉﮊ  ﮋ    ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﭼ النساء: ١٧ .
ولا شك أن من وُفّق للقيام بالتوبة فهو علامة مؤشّرة للقبول قال تعالى : ﭽ ﮌ  ﮍ    ﮎ  ﮏ          ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ   ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠﮡ   ﭼ الشورى: ٢٥ – ٢٦ . ولم يزل ربّنا يؤكد رحمته لعباده وترغيبهم إلى التوبة في قوله تعالى : ﭽ ﭫ               ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵ   ﭶ      ﭷ  ﭸ  ﭹ    ﭺ  ﭻ  ﭼ  ﭽ  ﭾﭼ الأنعام: ٥٤ . ومسألة التوبة مسألة عظيمة يحبّها الله عز وجل ويهتم بها أكثر من غيرها لذلك من خصوصياته سبحانه ولا مجال لأحد كائناً من كان أن يتدخل فيها يقول الله تعالى : ﭽ ﮭ  ﮮ     ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ    ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ    ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﭼ التوبة: ١٠٤ . والتوبة هي من صفات المؤمنين الذين يبشّروا بالجنة والفوز العظيم قال تعالى : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ   ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ     ﭙ  ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞﭟ   ﭠ   ﭡ  ﭢ  ﭼ التوبة: ١١٢ .
والتوبة واجبة على كل حال وبالدوام . والأحاديث في هذا كثيرة جدّاً فالإنسان لا يخلو عن موجب التوبة من معصية وكفر ونفاقٍ لذلك يحب الله التوابين ويفرح بتوبتهم وإنابتهم إلى الله بارئهم قال تعالى : ﭽ ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ       ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﭼ الزمر: ٥٤ . وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يقبل توبة العبد ما لم يُغَرغر كذلك الاستغفار .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : والله إنّي لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة . رواه البخاري ، فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غفرله ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكيف غيره ؟؟ . ولا يتم ذلك إلا بالانتباه والعلم ثم النّدم على ما فات والاقلاع عن المعصية في حينها والعزم على عدم العودة إليها أبد الآبدين . فإن المعصية سبب خطير ودافع حقير لبعد العبد عن ربه ، والله لا يحب ذلك . فلذلك يفرح الله كثيراً بتوبة العبد . ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لله أشد فرحاً بتوبة عبده المؤمن من رجل في أرض دوّية مهلكة معه راحلته ، عليها طعامه وشرابه ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت ، فطلبها حتى أدركه العطش ، ثم قال أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت ، فوضع رأسه على ساعده ليموت ، فاستيقظ وعنده راحلته ، عليها زاده وطعامه وشرابه ، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته . فبادر إلى التوبة ليفرح الله بها . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أيها الناس توبوا إلى الله فإنّي أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة .
أخي في الله فلقد آن الأوان أن تحسن تصرفاتك مع الله الأول الآخر والعليم الخبير في السر والعلن فهو بصير بالعباد وهو القوى العزيز قال تعالى: ﭽ ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ       ﮝﭼ العنكبوت: ١٠
وحذار حذار أن تعود إلى الكفر وأسبابه سريعاً فتسقط من عين الله ولا تشعر إذ منّ الله عليك مرة أخرى ورزقك الشفاء والعافية فكن من الشاكرين . قال تعالى : ﭽ ﭺ  ﭻ  ﭼ   ﭽ  ﭾ  ﭿﮀ  ﮁ  ﮂ   ﮃ  ﮄﮅ  ﮆ  ﮇ  ﮈ   ﮉﮊ  ﮋ  ﮌ  ﮍ  ﮎ                 ﮏﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ   ﮔ   ﮕ  ﮖ  ﮗ                ﮘﮙ  ﮚ    ﮛ   ﮜ  ﮝ  ﭼ الزمر: ٧ .
والله سبحانه وتعالى يوقظ انتباهك على أن التوبة إليه تنفعك أنت كعبد مذنب ولا تضره هو كإله غنيّ ، كما لا تنفعه طاعتك إيّاه ولا تضره معصيتك . فذلك فضل الله تعالى وإحسانه عليكم أيها المؤمنون لعلكم تفلحون .
بل : يقول تعالى : ﭽ ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ      ﯥ  ﯦ       ﯧ               ﯨ  ﯩ   ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭﯮ  ﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﭼ النور: ١٧ – ١٨ .
فهذه الآية الكريمة نصيحة وموعظة من ربّ جليل لعامة المسلمين ، فيجب علينا أن نشكره ونسلّم تسليماً بالقبول والطاعة مطلقة ، ﭽ ﯩ    ﯪ  ﯫ  ﯬ   ﯭﯮ  ﯯ    ﯰ  ﯱ           ﯲ   ﯳ  ﭼ النساء: ٥٨ .
ولا تكن كالذي بين الله حاله في كتابه العزيز ، وفي حاله موعظة وذكرى ، فقال جل من قائل : ﭽ ﮞ  ﮟ   ﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ     ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ   ﮯ  ﮰ    ﮱ  ﯓﯔ  ﯕ          ﯖ   ﯗ  ﯘ  ﯙ        ﯚ  ﯛ  ﭼ يونس: ١٢.
رحم الله كلّ مسلم سمع موعظة واتعظ ، ووفق الله كلّ سامع أن يتعظ وينظر بعين الاعتبار ، فهو الله الجواد الكريم ، بجوده دلّ المحتاجين إليه ، وبكره أطلق ألسنة السائلين لديه .
اللهم كما صنت جباهنا عن السجود لغيرك فكفّ أيدينا عن الامتداد بالمسألة لغيرك ، واقذف في قلوبنا رجاءك واقطع رجاءنا عمّن سواك حتى لا يبقى في قلوبنا فراغ لمجال يتملقّ غيرك .
وبعد أخي في الله إن المرض بلاء لا ينبغي للعبد أن يتطلع إليه ومحنة يتطلب عند وقوعها الصبر الجميل فلا يتمنين أحد حلولها أو وقوع البلاء وذلك اقتداءً برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول : سلوا الله العفو والعافية فإن أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية . رواه النسائي وابن ماجة وأحمد في المسند والترمذي من حديث أبي بكر رضي الله عنه .
وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أصبح آمناً في سربه معافًى في جسده عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها . رواه الترمذي وابن ماجة والبخاري .
وكان من أذكاره عقب كل صلاة وفي كثير من مناسبات كان يدعو الله فيقول : اللهم عافني في بدني اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري .

 
الأمر بالتداوى والأدلة عليه
إن الله تعالى ربط الأمور بأسباب لابد من فعلها لتحقيق المراد ، والأخذ بالأسباب سنة مؤكّدة من منهجه عليه الصلاة والسلام ، وعنه صلى الله عليه وسم اطلبوا الحوائج بعز الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير أو كما قال عليه السلام .
 وقال تعالى:ﭽ ﭰ  ﭱ  ﭲ   ﭳ  ﭴ  ﭵﭶ  ﭷ  ﭸ  ﭹ  ﭺﭼ آل عمران: ١٥٩ . إذا تم الأخذ بالأسباب من العناصر المؤيدة للنجاح والإمكانيات المحققة والمعينة للتنفيذ ففوّض الأمور إلى ربّك واستعن به وأظهر تذلك وفقرك إلى باريك . ثم ارض بما قسمه الله لك وقدر تهتد بإذن الله تعالى .
ولله در القائل :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها       إن السفينة لا تجري على يبس
وقول الله أبلغ: ﭽ ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ   ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ   ﯜﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﭼ البقرة: ٢١٨ . فالعمل والحركة مقدّم ، ثم الأخذ بالأسباب والحذر والحيطة أساس قويّ من باب العلاج فإليك يا أخي في الله بالأدلة النقليّة التي جاءت للأمر بالتداوى والحث على الاسترقاء الشرعي .

يشرع للمريض المسلم أن يتعاطى بالأدوية المباحة بوصفة طبيب وخبير مجرّب ، لقوله عليه الصلاة والسلام ، فيما رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الأعراب فقالوا : يا رسول الله انتداوي ؟ فقال : نعم يا عباد الله تداوا فإن الله عز وجل لم يضع داءً إلا وضع له شفاء غير داءٍ واحدٍ ، قالوا ما هو ؟ قال : الهرم ، وفي رواية إن الله لم ينـزل داءً إلا أنـزل له شفاءً علمه من علمه وجهله من جهله ، أخرجه أبو داود والترمذي .
وفي صحيح مسلم عن أبي الزبير جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لكلّ داءٍ دواءٌ فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجلّ ولكن قبل هذه التداوي لابد من أمر هامّ يجب الإنتباه إليه . الدعاء والثقة بالله العلي القدير والاعتماد الكامل واليقين الصادق بأن الله قادر على كل شيء وملاك الأمر كله بيده المباركة ثم التوجه إلى الله تعالى بالتضرع والانكسار بين يديه والرجاء منه سبحانه والالحاح الشديد فما اجتمعت هذه في عبدٍ إلا تحقق مسألته وينال مطلبه بإذن الله تعالى .
ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة . واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل لاه رواه الترمذي والحاكم . ثم بعد ذلك لا تستعجل بل تتأنّى لحصول الإجابة في وقتها . وعنه أيضاً رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما  من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له فإما أن يعجل له في الدنيا وإما أن يؤخر له في الآخرة وإما أن يكفر عنه من ذنوبه ، بقدر ما دعا ، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحيم ، أو يستعجل ، يقول : دعوت ربّي فما استجاب لي . رواه الترمذي .
ولا يجوز التماس الشفاء بالمحرمات مهما دعت الحاجة فالحرام يشقي ولا يشفي ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : تداووا ولا تداووا بحرام رواه أبو داود لهذا ولا يخرج أبداً من محيط الشرع . وعن أبي خزامة قال : قلت يا رسول الله : أرأيت رقي نسترقيها ودواءً نتداوى به وتقاة نتقيها هل تردّ من قدر الله شيئاًُ . فقال هي من قدر الله : رواه الترمذي في سننه . انظر إلى هذه العبارة فهي جواب كافٍ ، فما خرج شيء من إطار قدر الله سبحانه ، بل يرد ّ قدره يقدره : فليس في الوجوه شيء ، يسمى صدقة فإنها أي : الصدفة فلسفة اللا إيمانية تصيب صاحبها بانتفاء الثقة بالله تعالى والضعف والوهن . أعاذنا الله من مثل ذلك . فسبحان من جلّت عظمته ، وتعالى بأوصافه الجليدة وعنه عليه السلام قال : ما جعل الله شفاءكم فيهاحرم عليكم . حديث . فتعالى لنسمع معاً إلى الله تعالى وهو يحاور خليله إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام . قال إبراهيم : يا ربّ ممن الداء ؟ قال منيّ ، قال فممّن الدواءُ ؟ قال منيّ قال فما بال الطيّب ؟ قال : رجل أرسل الدواء على يديه ، ارجع إلى كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزي .
فنفهم من هنا لابد من الأخذ بالأسباب والتداوى جزء صارم من الأخذ بالأسباب ، بارك الله لي ولك في أمننا وإيماننا وفي حياتنا وسعادتنا فهو أرحم الراحمين .

 
حقيقة الدعاء
الدعاء  شعور المرء  بافتقاره إلى الله الغنيّ الحميد واعترافه الجاد الصادق بضعفه وعجزه ، وانتباهه إلى أن الحول والقوة لله جميعاً ، وكذلك تأكده أن الخير كله بيد الله والفضل يجري على مشيئة  الله فلا يرجو إلا الله ولا يرجع إلا إليه . لهذا يحب الله الدعاء ويكون قريباً إلى الداعين قال تعالى : ﭽ ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧ    ﯨ  ﯩﯪ  ﯫ  ﯬ       ﯭ  ﯮ  ﯯ  ﭼ الفرقان: ٧٧ .
فالدعاء نعمة عظيمة امتنّ الله به على الناس كافة للاقتراب إلى توفيقه بأسلوب سريع وفعال.
ولذلك أتاح الله فرصة الدعاء وسيلة للحصول على أمنيته مختلفة معنوية وملموسة ، وللخروج من أزمات تحيّرت النفوس بها وعجزت عن حلها .
ويبدو أن أحوج الناس إلى الدعاء هم المرضى والضعفاء والفقراء . ؟ مع أن الأصحاء والأغنياء ونحوهم هم في أمس الحاجة إلى الدعاء للاحتفال على نعمة الصحة والغنى فالحاصل وهو الواقع مهما بلغ العبد إلى درجة مرموقة ومرتبة عالية أو كان على مكانة شريفة أو  وضيعه ، فلا يستغنى عن دعاء عبادة أو مسألة بل فيه عزّته وتأييده ، وفيه حل مشاكلهم والتخلص من أزماتهم النفسية والإنسانية من هموم أصابتهم وغموم حلّت بساحتهم ، وتنبّهوا أخيراً أن لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه فهو الأول الآخر الظاهر الباطن الصمد وهو بكل شيء عليم ، ولا شك أن قيام العبد بالإكثار من الدعاء وسؤال الله جميع الحاجات الدينية والدنيوية وذكره سبحانه وتعالى للاستعانة به والالتجاء إليه أمر واجب دينيّ حتماً ودوماً .
لأن الله أمر بدعائه دعاء العبادة والمسألة تعبّداً ، ووعد بالإجابة تكرماً عاجلاً أو آجلاً ، كما حذر من الاستكبار وعدم دعائه وتوعّد بالذل والاحتقار في نار جهنم لأهل الاستكبار فقال تعالى : ﭽ ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡﭢ   ﭣ   ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩ    ﭪ  ﭼ غافر: ٦٠  
فادعوا الله موقنين فهو أقرب شيء إلى العباد وهو الذي يحول بين المرء وقلبه . قال تعالى: ﭽﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘﭙ  ﭚ  ﭛ  ﭜ        ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭼ ق: ١٦ .
فادعوا الله بالتكرار والإلحاح الشديد . فليس للعبد من مولًى يتولى أموره إلا الله أو يعلم سرّه وعلانيته . ﭽ ﭡ  ﭢ  ﭣ  ﭤﭥ   ﭦ    ﭧ  ﭨ   ﭩ  ﭪ   ﭫ  ﭼ النحل: ٧٤ .
وقال تعالى : ﭽ ﮪ  ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰ   ﮱ  ﯓ  ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗﯘ    ﭼ النجم: ٣٢ .
وقال تعالى : ﭽ ﮄ  ﮅ  ﮆ   ﮇﮈ  ﮉ  ﮊ  ﮋ  ﮌﮍ  ﮎ  ﮏ   ﮐ  ﮑ  ﮒ   ﮓ  ﮔ  ﮕ  ﮖ  ﮗ   ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜﮝ   ﮞ  ﮟ  ﮠ         ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﭼ الزمر: ٣٦ – ٣٧ .
والدعاء عمل روحيّ يعبّر عن سرائر الضمير ومكامن الصدور  قال تعالى :  ﭽ ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ       ﮝ   ﮞ  ﭼ العنكبوت: ١٠ .
وهو تعبير عن وساوس النفوس ويتصل إلى الله مباشرة في الشدة والرخاء بلا واسطة ولا ترجمان . لذلك قال الرسول الأكرم محمد صلى لله عليه وسلم : ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء .
فلا تسأل أو يخطر على بالك : أين الله ؟ فهو سبحانه يقول في محكم تنـزيله : ﭽ ﯩ  ﯪ   ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴﯵ   ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﭼ البقرة: ١٨٦ . وسبب نزول هذه الآية الكريمة . سأل النبيّ صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقالوا : يا رسول الله ، أقريب ربّنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه ؟ فنـزل : وإذا سألك عبادي عنّي فإنّي قريب . لأنه تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو المطلع على السر وأخفى .
فالإيمان بالله أولاً والاستجابة له ثانياً هما سببان أكيدان من أسباب إجابة الدعاء .
وللدعاء أهمية كبيرة وفضل عريض للنجاح البارز في حياة المسلم وسعادة مستقبله . قال الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة ، بمعنى : أن الدعاء كله خير . وقال عليه السلام لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام : أفضل العبادة الدعاء ، فهذه الأحاديث كلها تشير إلى أهمية الدعاء ومكانته في الإسلام .
وإياك أن تسأل غير الله دعاء العبادة والمسألة أو تستعجل في دعائك فالله ليس له شريك في ملكه ولا يحتاج إلى أحد من المخلوقات .
قال شاعر :
لا تسألنّ بنيّ آدم حاجة

 
  واسأل الذي أبوابه لا تحجب

 
الله يغضب إن تركت سؤاله

 
  وبنيّ آدم حين يسأل يغضب

 
 
وقال آخر :
يابن مالك لا تسأل الناس والتمس

 
  بكفيك فضل الله والله أوسع

 
ولو سئل الناس التراب لأوشكوا   إذا قيل هاتوا أن يملّوا ويمنعوا

 
 
واحذر في دعائك أن تقع في شيء من التوسلات الشركية والمحرمات الكفرية .
 

 
الأدعية الواردة للمريض المبتلى
أما الأدعية التي وردت من أجل طلب الشفاء للمريض فكثيرة ، منها : عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعود بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول : اللهم رب الناس أذهب البأس والشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً . متفق عليه .

وعن أبي سعيد الخذري رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد اشتكيت ؟ قال نعم : قال : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك . بسم الله أرقيك . رواه مسلم . وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من عاد مريضاً لم يحضره أجله فقال عنده سبع مرات : أسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض . رواه أبو داود والترمذي .

وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى اله عليه وسلم ، كان إذا اشتكى الإنسان الشيء عنه . أو كانت به قرحة أو جرح ، قال النبي صلى الله عليه وسلم بأصبعه هكذا ووضع سفيان بن عيينة الراوي سبّابته بالأرض ثم رفعها وقال : بسم الله بتربة أرضنا . بريقة بعضنا يشفى به سقيمنا بإذن ربّنا متفق عليه . وعن أبي عبدالله عثمان بن العاص رضي الله عنه ، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقُل : بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر . رواه مسلم .
وينبغي على المريض أ ن يكون قبله متعلقاً بالله فيرجو رحمته رجاءً لا يماثله أي رجاء في غير الله تعالى . وكذلك يخاف عقاب الله في كل حال ومئال .
وكذلك لا ينبغي للمريض المسلم أن يتمنى الموت أبداً مهما بلغت حاله من شدة ووجع وألم وهمً بل يكره أن يدعو بالموت لحديث أم الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على العباس وهو يشتكي فتمنى الموت : فقال : يا عباس يا عمّ رسول الله لا تتمنّ الموت إن كنت محسناً تزداد إحساناً إلى إحسانك خير لك وإن كنت مسيئاً فإن تؤخر تستعتب خير لك فلا تتمن الموت . رواه أحمد الحاكم .
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا محالة متمنياً للموت فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي ، وتوفّني إذا كانت الوفات خيراً لي . رواه الجماعة .
أخي المريض لا تنس سعة رحمة لله بعباده فهو الرحمن الرحيم , ورحمته سبقت كل شيء ، ما في الكون من العالم العلوي والسفلى إلا وقد وصلت إليه رحمته سبحانه يقول الله تعالى : ﭽ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ   ﭛ  ﭜﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ  ﭣﭤ  ﭥ   ﭦ  ﭧ           ﭨﭩ  ﭪ  ﭫ    ﭬ  ﭭ   ﭮ  ﭯ  ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭼ الأعراف: ١٥٦.
فبرحمته سبحانه خلق الأشياء كلها من ماء ورياح وزرع صنوان وغير صنوان وهواء وحياة وجنة ونعيم ، فبرحمته أوجد اللطف والعطف بالعباد ، وبرحمته خلق الصحة والعافية والسلامة والغنيمة والفوز والنجاة.
فأحسن الظن بالله سبحانه فإنه تعالى عند ظن العبد به وهو معه ، فتبارك اسمه وتعالى جده ولا إله غيره . وروى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول قبل موته بثلاث : لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظّنّ بالله .
ملاحظة مهمة :
أخي في الله إن هذه الأدعية واردة عن خير خلق الله نبيناً محمد صلى الله عليه وسلم صحيحة وصريحة ثابتة وأكيدة . إن دلت على شيء فإنها تدل على أن العبد مهما بلغ درجة العلو عند الله بارئه من الخير والصلاح والحسن فلا يعرضنّ لذكره في ذكر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو بالذات لم يستغن يوماً عن دعاء ربه وتسبيحه وتهليله وتكبيره ، أليس هو القائل : الدعاء هو العبادة ؟ ، الدعاء سلاح المؤمن ؟ فكيف بالذين سيجد نفسه عرضة للمحن والأضرار والأمراض ؟ فمن باب أولى أن يدعو الله أكثر فأكثر . والله سميع قريب مجيب إذا داعي وحده سبحانه وتعالى وتبارك اسمه ولا إله غيره .

 
كيف يتم الشفاء ؟
ومتى يحصل على البرء ؟
من باب العلاج
فاعلم أساساً يا أخي في الله لا يمكن السعي وراء الحصول على الشفاء ولا يتم البرء إلا بعد توفر ثلاثة أمور مهمة :
1 – التماس الدواء الموافق المغالبة على الداء .
2 – البدن القابل والزمن الصالح .
3 – مصادفة القدر بأمر الله تعالى للشفاء . فهو الذي قدر فهدى .
ولم يكن هذا ولا ذلك ينفع إلا بالإيمان الكامل بالدعاء ، واليقين الصادق بالإجابة . كما سبق ذكر " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " .
ومع أن طرق التداوى كثيرة بالنسبة للوسائل المباحة الأخذ بها ، ولكن من أحسن ما يعالج بها المريض المسلم أن يتخذها وقاية . ما يلي :
أولاً : أقوى أنواع العوامل للعلاج .
1 – الإيمان بالله والاعتماد عليه وتعلق القلب به وقوة الارتباط برحمته سبحانه من ربّ كاف وإله شاف ووليّ وافٍ .
2 – الكفر بالطواغيت والاجتناب من كل ذريعة تؤدي إلى الشعائر الشركية مثل الطلاسم والتمائم والودع المعلقة والمدفونة , والحذر من المشعوذين والدجالين والعرافين والكهنة والسحرة أولئك الذي لعنهم الله ومن يعلن الله فلن يجد سبيلاً ولا نصيرا ً.
ثانياً : الطهارة الظاهرة المداومة من الغسل والوضوء أو التيمم على الأقل إن كان عاجزاً عن مس الماء علماً بأن الشروط المجيزة للتيمم هي :
1 – فقدان الماء الطاهر في نفسه والمطهر لغيره .
2 – عدم القدرة إلى استعمال الماء .
3 – الصعيد الطيب .
وهذا لمن لم يجد الماء بعد طلبه بالمشقة . أو وجده ولم يقدر على استعماله خشية زيادة مرض أو تأخير شفاء إن عرف ذلك بالتجربة الأكيدة ، أو أخبار غيره من الأطباء الموثوقين بهم في هذا المجال وبالله التوفيق ، أو كان الماء شديد البرودة عند حلول برد قارس ولا يطيق جسمه مس الماء وعلم باستعماله حصول ضرر أو حدوث أذى ، وفي الحديث عن أبي سعيد الخذري  عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا ضرر ولا ضرار . رواه مالك وابن ماجة .
أو يحتاج إلى الماء لشربه أو شرب غيره ولو كان سقياً للحيوان . وهذا طبق القواعد الفقهية . فالرجاء الرجوع إلى كتب الفقه . فيها مجال واسع للتفقه ، فلا تضر نفسك ولا تقتلها . فالدين عِلْم ، والعلم مصدره الوحي الإلهي . قال تعالى : ﭽ  ﮪ  ﮫ   ﮬ   ﮭ  ﮮ   ﮯ  ﮰﮱ  ﭼ الحج: ٧٨ .
وقال أيضاً سبحانه : ﭽ ﯗ  ﯘ  ﯙ  ﯚ   ﯛ  ﯜ  ﯝ   ﯞ  ﭼ البقرة: ١٨٥ .
وقال جل من قائل : ﭽ ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ   ﮫ  ﮬ  ﭼ التغابن: ١٦ .
ثالثاً : مواظبة النظافة من نتف الإبط وحلق العانة وتقليم الأظافر لما تختبئ تحت هذه الأماكن أوساخ ضارة لجسم الإنسان ومُخلّة لصحته ، وكذلك مما يساعد في صحة الإنسان كثرة الغسل غير الجنابة . كما يعينه على نظافة بدنه تدهين الشعر الطبيعي الخالي من الكيماويات ، وتسريحه إذا وفّر بكثة لإكرامه ، والتطيب من العطور والأفضل المسك الخالص من الخلط ، وتجديد الهواء للمكان الذي بات فيه كل صباح . وتنظيفه كل لحظات وفترات ، فكلما كان المكان نظيفاً طيباً كلما كان الهواء نقيّاً منعشاً ومفيداً لجسم الإنسان ومقوياً لصحته .
رابعاً : ملازمة السواك ، فهو سنة مؤكدة ، وفيها فوائد جمة ، ومستحبّ في كل الأوقات ولكن في خمسة أزمنة أشد استحباباً ، وهي :
أ . عند النوم أي : قبله وبعد الاستيقاظ مباشرة .
ب . عند الوضوء  أي : قبل الوضوء .
ج . عند الصلاة أي : قبل الصلاة .
د . عند قراءة القرآن الكريم .
هـ . عند الطعام أي : قبل الأكل وبعد الفراغ من مائدة الطعام .
ولكل من هذه المناسبات التعبدية حديث يرغّب السواك فيها .
ويسنّ التيامن في السواك ، وأن يكون عوداً ليناً ينقي الفم ويطيبه . ولا يجرحه أو يضره ، ويجمع بين الأسنان واللسان في تسوكه ليكون أتم .
خامساً : التدهن بالزيوت المباركة كزيت الحبة السوداء . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السّام . ثابت في الصحيحين والترمذي .
وزيت الزيتون : لبركة هذا النوع من الزيوت أقسم الله أبه فقال : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ   ﭙ    ﭚ   ﭛ  ﭜ  ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ    ﭡ  ﭼ التين: ١ - ٤
فيعم جميع ظاهر جسده من منبة شعر الرأس إلى أطراف أصابع الرجلين .
سادساً : شرب العسل قدراً يسيراً ، ويكرر التناول حتى يصل إلى الكمية المقاومة للقضاء على الداء .
وهذه المذكورة كلها من باب الأخذ بالأسباب ، ومطابقة للطبيعة البشرية ولم تخرج من الفطرة ولا من العادات الحسنة بل تؤيدها .
سابعاً : إحياء الروح بتلاوة القرآن الكريم وتدبر آياته  ، وإن شقت عليه التلاوة بالهيئة المطلوبة وهي الجلوس كهيئة التشهد على طهارة ، مستقبل القبلة فهذه أحسن ، وإن لم يقدر على هذه الحالة فالاستماع إلى أشرطة مرتلة ومجودة ، فسماع القرآن يملأ النفس نوراً وللملائكة سروراً .
ثامناً : المحافظة على الصلوات في أوقاتها المحددة لها ، فالصلاة نورٌ على نور ومن واظب عليها فهو على خير كثير غير مفارق .
تاسعاً : مواظبة الأذكار اليومية والتي صحت عن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام من الأوراد المختارة .
عاشراً : الصدقة من محاسن الأموال ، وهي عبارة عن بذل المعروف والإحسان إلى الآخرين . بالإنفاق في سبيل الله وإطعام الطعام للمحتاجين .
وإماطة الأذى عن الطريق . وبشاشة الوجه بالابتسام والكلمة الطيبة وهي أي الصدقة ليست بواجبة شرعاً غير الزكاة المقارنة بالصلاة في كثير من الآيات القرآنية . بل الصدقة مستحبة توجب خيراً كثيراً وبصفة اختيارية ويحتسب فيها لوجه الله الكريم .
وقد جاء الأمر بها بأساليب مؤكدة ، وكما رغب الشارع الحكيم فيها . وحثّ عليها بنصوص كثيرة واردة في الكتاب والسنة ، يقول الله تعالى : ﭽ ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ   ﮧ  ﮨ  ﮩ  ﮪ  ﮫ   ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯ   ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ   ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ                ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ   ﭼ الأحزاب: ٣٥ .ذكر الله أهل الصدقة من ضمن المغفورين لهم والمأجورين فالمغفرة توجب الشفاء بإذن الله تعالى .
يقول الله تعالى في محكم كتابه : ﭽ ﮭ  ﮮ     ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔ    ﯕ  ﯖ  ﯗ  ﯘ  ﯙ    ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﭼ التوبة: ١٠٤ .
وقال تعالى : ﭽ ﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲﯳ   ﯴ  ﯵ         ﯶ  ﭼ البقرة: ٢٨٠ .
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقال : ألا أدلّك على أبواب الخير ؟ قلت بلى يا رسول الله قال : الصوم جُنًّة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، رواه الترمذي . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة لتطفئ غضب الربّ وتدفع ميتة السوء . رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه . وعن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها . رواه الطبراني .
وعن عمرو بن عوف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء ويذهب الله بها الكبر والفخر  رواه الطبراني . وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وداووا مرضاكم بالصدقة وأعدّوا للبلاء الدعاء .رواه الخطيب . وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر . رواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن .

أنواع الصدقة :
ففي ضوء الأحاديث النبوية الشريفة تتبيّن أن أوجه الصدقة كثيرة حسبما دلت عليها النصوص الشرعية ، فمنها :
حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم في صحيحه يقول النبي عليه الصلاة والسلام : أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَهُ لَكُمْ ما تَصَدَّقُونَ ؟ إنَّ بِكُلّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدقةٌ وكل تَحْميدةٍ صَدقةٌ وكلُّ تَهْليلةٍ صدقةٌ وأمْرٌ بمعروفٍ صدقةٌ ونهي عن منكرٍ صدقةٌ . الحديث .
وهذا الحديث أعم من هذا الباب . والكل فيه إرشادات خيرية يجب الأخذ والاستدلال بها .
وقال تعالى : ﭽ ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ  ﭼ التوبة: ١٠٣ .

حادية عشر : الرياضة البدنية :
فهي من الوسائل الوقائية التي يتحفظ بها الإنسان صحة بدنه ، وفيها مجال لتربية قوته الجسدية . ولا شك أن الرياضة البدنية من الإمكانيات التي يرهب بها المسلم أعداء الله ، قال تعالى : ﭽ ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠ   ﯡ  ﯢ   ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ   ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬﯭ  ﭼ الأنفال: ٦٠ .
فممارسة الرياضة مأمورة شرعاً ، يحث عليها الإسلام لما فيها من فوائد كثيرة فهي تربية للعقل وتقوى العضلات وتمرّن مفاصل الأعضاء الجسدية لتتحرك وتعمل بدون مشكلة أو خلل يعاني منها الكثير . وهي تنشط الدورة الدموية في  مجاريها . وهي وسيلة فعّالة لسلامة الجسم ، والعقل السّليم في الجسم السليم . تجربة علميّة . فاغتنم بها فرصة مجدية ، وهي عبادة بأمر سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم . واستفادة أكيدة بأقيسة علماء الطبيعة ، وخبرة علماء النفس . وكما تعلم أن المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف . والرياضة البدنية وصفة طبية بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يَمُرّ على أصحابه في حلقات الرّمي فيشجّعهم ويقول لهم : ارموا وأنا معكم كلكم . رواه البخاري . وورد أيضاً في الصحاح أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتسابقون على الإبل .
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سابق بالخيل التي قد أضمرت من الحفياء ، وكان أمدّها ثنيّة الوداع ، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق . وكان ابن عمر فيمن سابق بها رواه مسلم .
وقد سابق النبي صلى الله عليه وسلم أمّنا عائشة رضي الله عنها مراراً وتكراراً وهما يجريان على أقدامهما . وعن عائشة رضي الله عنهما قالت : سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته ، حتى إذا رهقنا اللحم ، سابقني فسبقني فقال : هذه بتيك . أخرجه ابن ماجة في سننه . ونكتفي بقوله عليه الصلاة والسلام لنهتم بالرياضة قدر الاهتمام ، في الحديث الذي رواه مسلم : المؤمن القويّ خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير. وقال تعالى: ﭽ ﮮ   ﮯ  ﮰ  ﮱ  ﯓ  ﯔﭼ القصص: ٢٦ .
والقوة البدنية تأتي بالتربية في الاكتساب والرياضة من أكبر أسبابها وأحسنها . ثم انتبه يا أخي أن الرياضة البدنية ليست هدفاً ولا غاية كما أقبل عليها كثير من الناس تقليدياً فيفرطون فيها بنسبة شاذة ، يضيعون من خلالها أوقاتاً أكثر من اللازم لا يصلون في أوقات الصلاة ولا يعملون كالواجب بل لا يدرسون في الفترات الدراسية لأن أكثرهم لا يعقلون حسن التخطيط للمستقبل .
فالرياضة وسيلة لتحقيق بعض الضرورات الإنسانية واللوازم البشرية أهمها الصحة والقوة اللتان تورثان سلامة الجسم بإن الله تعالى .
أما الأذواق والأساليب التي تمارس فيه الرياضة فكثيرة . ومن أبرزها وأحسنها تأثيراً في تنمية الصحة التي تساهم في قوة الإنسان .
السباحة وركوب الدراجة والمشى الكثير يستغرق مسافة بعيدة عند المقدرة والمشي على الأقدام أفضل بكثير من ركوب السيارة والمصعد الكهربائي .
ومما يؤكد أن القوة البدنية من العوامل المؤيدة للنصر والنجاح قوله تعالى :
ﭽ ﮌ   ﮍ  ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ  ﮕﮖ   ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ  ﮝ  ﮞ  ﮟ     ﮠ  ﮡ  ﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥﮦ  ﮧ  ﮨ    ﮩ  ﮪ   ﮫ  ﮬ  ﮭ  ﮮ  ﮯ  ﮰﮱ  ﯓ   ﯔ  ﯕ  ﯖ  ﯗﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ   ﭼ البقرة: ٢٤٧  . أي : حسن العقل وقوة شديدة في بدنه ، وهذان العنصران بهما تتم السعادة . والله أحكم ونسبة العلم إليه أسلم .

ملاحظة جيدة :
اعلم يا أخي أن البدن أمانة لديك فلا تهملها فضياعها خيانة ، بل احفظها عسى أن تكون رأس مالك . حتى تكون مهيئاً لمواجهة الصعوبات في الشدائد الصلاب ، لتقاوم النصب والتعب وقت الحاجة فلا يثقل عليك شيء بإذن الله تعالى والله المستعان .

 
عيادة المريض وآدابها
ولقد ألزم الشارع حقوق أخوية كثيرة لمسلم على أخيه المسلم يجب تطبيقها والتي بموجبها تورث العلاقات الحسنة والروابط الطيبة التي تدور بين الناس عامة ، فبها ترق الأفئدة وتنتج الحب والمودة ، وتتولد معها الرأفة والرحمة فتورث الاحترام والتقدير والثقة .
ومن الكتاب والسنة دلائل ظاهرة على إلزامها ، قال تعالى : ﭽ ﯜ  ﯝ  ﯞ       ﯟ  ﯠ  ﯡﯢ  ﯣ  ﯤ   ﯥ  ﯦ  ﭼ الحجرات: ١٠ .
وقد وردت أحاديث عدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنص على استحبابها ومن جملة هذه الحقوق التي تحيى الصلة بين الناس عيادة المريض وزيارته فهي حق واجب على كل مسلم . وهي من موجبات الشفاء المعنوية ومقومات العلاج ، فلم يعد ثمة أدنى حرية ، بعد تجربة ملموسة من أقسية علمية نفسانية وتم تصديقها من قبل العلماء والأطباء أن أكثر الحالات المرضية التي يتعرض لها الإنسان ذات طابع نفسي . فبادر يا أخي في الله بالقيام بهذا الحق الواجب ولو كان غير مسلم . فعن أنس رضي الله عنه قال : كان غلام يهوديّ يخدم النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فمرض فأتاه النبيّ صلى  الله عليه وسلم يعوده . فقعد عند رأسه فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال أطع أبا القاسم فأسلم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار . رواه البخاري .
من هذا المكان تفهم أنك مأمور بعيادة المريض ولو كان غير مسلم .
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس ، وإبرار المقسم ونصرة المظلوم وإجابة الداعي ، وإفشاء السلام . متفق عليه .
إليك يا أخي بعد ما تمكن لديك وتثبت معرفة الدلائل الصحيحة والتي تفيد الأخذ بالواجب عيادة المريض ، إليك بيانها بالتفصيل والتوضيح :
أولاً : يستحب أن يكون قصدك وعرضك في هذه العيادة الدعاء لهذا المريض وتسليته وتطمينه بالشفاء العاجل والعافية التامة بإذن الله وتطعمه في العمر الطويل المبارك والحياة السعيدة والسعة في الرزق والصلاحية في الأولاد والبركة في الدور والحفظ والرعاية من كل سوء ومكروه من جميع أنواع الفساد والفواحش ، وكل ذلك مستمد من الله الوهاب ، وتتيقن بها لا تردد أو تكون في شك من الله المجيد لهذا المريض .
وإياك أيها المريض الموحّد ثم إياك أيها العائد المجدد أن تدعو غير الله مهما بلغ الهم والغم والوجع مبلغها فالله سبحانه يحذرنا مثل ذلك ، فيقول جل من قائل : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ  ﭚ  ﭛ  ﭜ  ﭝ   ﭞ  ﭟ       ﭠ   ﭡ  ﭢ   ﭣ  ﭤ  ﭥ  ﭦﭧ  ﭨ  ﭩ  ﭪ   ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ  ﭰ     ﭱ  ﭲ  ﭳ  ﭴ  ﭵ   ﭶ  ﭷ  ﭸ   ﭹ  ﭺ  ﭻ  ﭼ الرعد: ١٤ – ١٥ .
ولطالما يتم للمريض الشفاء بأسرع من لَمحة أو أقرب من خطوة ولكنه لا يشعر لعدم ثقته بالله عز وجل وقلة توكله على اله ويقينه بالدعاء ، فهو الله سبحانه أقرب إليه من حبل الوريد وأسرع مجيب ، إذا دعي وحده .
ثانياً : وليكن جلوسك عنده كله غُنْمٌ له ومنفعة ، تذكّره أن العبادة لله وحده والدعاء له وحده والاستغاثة منه وحده والاعتماد عليه وحده والإنابة إليه وحده والاستعانة به وحده لا شريك له في شيء من هذه الشعائر التعبدية ولا في غيره ، فمن صرف منها شيئاً لغير الله فقد ظلم نفسه وإذا مات على ذلك الانحراف العقدي فلا ينجون من عذاب الله ولا برهان له يوم القيامة . قال تعالى : ﭽ ﭨ  ﭩ  ﭪ  ﭫ   ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ   ﭰ      ﭼ الحج: ٣٢ .
ثالثاً : وتوصيه بالصبر الجميل والتجلّد الحسن وليعلم أن من أفضل صفات المؤمن قلّة الشكوى . قال شاعر :
لا تُكْثِرِ الشَّكْوى فَكُنْ مُتَجلّداً                حتىّ يَظنَّ النَّاسُ أنك مُنْعَمُ
وكذلك توصيه بالمحافظة على الفرائض قدر المستطاع ، ويتبعها نوافل العبادات ، وليحرص على اجتناب النجاسات ، وليكن دوما على طهر ونظافة ، من تقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة والتعطر بأحسن طيب ، إن كان عنده وبالمفاضلة المسك الأصلي فإنها من سنن الفطرة .
رابعاً : ولتكن كلماتك عبارات طيبة ولطيفة تبشر بالخير والتي يسرّ بها الإنسان العادي فضلاً عن الإنسان المبتلى ليمطئن بها قلبه . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا دخلتم على المريض فنفّسوا له في الأجل فإنّ ذلك لا يردّ شيئاً وهو يطيب نفس المريض .
يزداد إيمانه ويقينه بالله قوياًّ ، وينقطع رجاءه عن كل جهة إلا الله حتى يكفه ذلك عن سؤال غير الله تعالى ، فالله أقرب شهيد وأدنى حفيظ حال دون النفوس ، وهو أرحم الراحمين .
وقد سبقت الإشارة إلى مدلولها في الكلام حول ( لا بأس كفارة وطهور إن شاء الله ) .
خامساً : ويستحب في نفس الوقت أن تخفف الزيارة ولا تطيل المكث إلا إذا طلب ذلك ، ففي الأثر : رحم الله امرءاً زار وخفّف .
فإن المريض يكون في بعض الأحيان على أحوال بئيسة لا يرضى أن يرى بها . قد يفاجأ بالقيء والبصاق تارة أو تنـزيف الدم وسيلان البول تارة أخرى ، وقد يكون في غالب الأوقات في أمس الحاجة إلى الخلوة بنفسه والعزلة عن الناس ، والاستراحة ، لأن المعالجة السريعة في الراحة الكافية وهي أساسها فلا ينبغي إطالة المكان عنده أكثر من اللازم . فتكون مشقة عليه وحرجاً .
سادساً : لا تجوز كثرة الكلام في اللغو والفضول مما لا فائدة في ذكرها إطلاقاً فضلاً عن هذا المكان المسكين ، فكل من كثرت كلامه قلّ ورعه ، ومن قلّ ورعه كثرت زلته فصار من الملامين .
سابعاً : لا تطلق بصرك يتجول هنا وهناك ، بل احبسه عن عورات جسم المريض ولا تتتبع المخفيات في المكان الذي هو فيه فتلقى ما يسوؤك ولا يسره .
 

 
لا عدوى
 المرض ابتلاء من الله فليس لأي إنسان التدخل في ذلك ، ولو كانت له قدرة أو مشيئة في ذلك لا استطاع أن يبرئ حبيباً مريضاً أو قريباً مصاباً وقت ما يشاء ، ولكن السقم من الله والبرء منه والشفاء  بيده سبحانه .
فتعال معي إلى دراسة هذه الأحاديث النبوية والتي في حقيقتها تنفي فهماً خاطئاً حسب الدراسات التاريخية عن العدوى ، لتصحيح المفاهيم حول مسألة خطيرة راسخة في أذهان كثير من الناس اليوم إلا من رحم الله وقليل ما هم . وهو : قد يعدي سقيم صحيحاً ! لا وكلا ، ليس الأمر كذلك فلعل ذلك يحدث من وساوس الشيطان البالغ في الحرص على تشتيت شمل الأمة ، أو من سوء فهم مدى رسالة الإسلام وإدراك حكم الله الكونية . والإسلام جاء ليجمع لا ليفرق والذي يبنى الصلة بين الناس بالتي هي أحسن لا ليهدم . والذي يعمر العلاقات الإجتماعية لا ليدمر ، ومتى يعلم الإنسان أو يشعرانك تنفر عنه لمرضٍ أصابه ، ولفقر حل به لا شك أن ذلك الشعور أو الإحساس النفسي يكسر خاطره ، فيجد ضيقاً وحرجاً وتوحشاً .
فالمرء المسلم يتقوى بأخيه ، ويعتز بعقيدته ، قد يتأسف المريض في بعده عن إخوانه في حال المرض دون تكلفة منه على طبيعة الحال .
فمن موجبات الشفاء ومقومات العلاج الزيارة أو العيادة التي تتيح الفرصة للمحادثة والتسلية حسب الدراسات وأقوال الخبراء في علم النفس والإجتماع وعند عدم الزيارة لأي مريض تشتد حالة كبتية فتجعل صدر المريض المصاب ثقيلاً مليئاً بالتساؤلات المحرقة منعزلاً عن جو الناس وبيئة الإحساس فبالزيارة تنسى الظروف المؤلمة فتجد المريض فور وصولك منشرح الصدر يعلوه البشر لفرح بقدومك ، فبدأ يشعر بوجوديته ، يسـأل ويجيب يسحب ويدفع يتحدث ويتكلم ، تعود إنسانيته فتتجدد معنوياته البشرية بسبب هذه الزيارة .
وعلى هذا فالوضع الكبتي من جملة العوامل المؤثرة في نفس المريض . وعليه فإن الزيارة التي تقام بين زمن وآخر لأخٍ أو قريب من الأصدقاء والأحباب عامل حيوي وفعال يخفف من وطأة تلك الأوجاع التي يقاسيها المرء ويسعى إلى استفراع تلك الشحنة المتوترة بداخل نفس الإنسان المزار . فيتخلص من الصدمات المؤلمة بفضله الله ثم بهذه الزيارة . وذلك أن المريض في هذه الحالة في أشد حاجة إلى طبيب يرأف به بالبساطة وأخٍ قريبٍ يواسيه وصديقٍ حميم يؤنسه .

لذلك أمر الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم عيادة المريض فهي أقوى أدوية معنوية يستفيد منها كلا الطرفين .
فلقد كنتُ أنا مع والدي الحاج بشير صامب ، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنّاته في إحدى المستشفيات بجدة المملكة العربية السعودية مستشفى باقدو رحمه الله تعالى ، ومعنا في الغرفة شيخ كبير في السن لكنه يعاني مرارة الغربة ليس بجانبه أحد يقوم بطلباته الشخصية ولم يزره أحد من أقربائه فتوحش وفي ليلة من الليالي إذا بابنه من الخارج يتصل به هاتفياً . فيصيح ويلوم أبناؤه ويوبخهم ويقول بلسان متكلم وقلب متألم . (( كأني أسير )) ، فتخيل معي كلمة أسير بلهجة مؤنّب ! بلغ منتهى الأسى والأسف بآلام نفسية ، فقم لزيارة المريض وكن بجابنه ليّنا رءوفاً رحيماً . فنسأل الله الكريم حسن الخاتمة.
فتدبر هذه الأحاديث جيداً الثابت إسنادها والصحيح متونها لارشاد الحائر في أمر العدوى .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامّة فقال أعرابي : ما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظّباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها  قال : فمن أعدى الأوّل  ؟  رواه أبو داود .
وعن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الطيرة شرك . وما منّا إلا ، ولكنّ الله يذهبه بالتوكّل . رواه ابن ماجة .
وعن ابن عمر قال :  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا عدوى ولا طيرة ولا هامّة فقام إليه رجل ، فقال : يا رسول الله البعير يكون به الجرب فتجرب به الإبل قال : ذلك القدر . فمن أجرب الأول  ؟ رواه ابن ماجة .
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم ، فأدخله معه في القصعة ثم قال كل بسم الله ثقة بالله وتوكلاً عليه . رواه الترمذي .
وعن أبي ذرّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل مع صاحب البلاء تواضعاً لربك وإيماناً به .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان لي مولى فيه هذا الداء وكان ينام على فراشي ويأكل من صحافي ولو عاش لكان كما كان . تفسير الطبري ومصنف ابن أبي شيبة .
فلا عدوى ، وإلا فكان هناك ما يوحى ويشير إلى أن في الكون قوة تشارك قوة الله القاهرة ، فتقترح عليها في أحكام الله الكونية القدرية ، والتي منها : الحر والبرد القحط والمطر والمرض ، فتؤثر في القضاء والقدر حكماً وتدبيراً وحاشا لله أن يكون ذلك كذلك ، فلا عدوى ! قال تعالى : ﭽ ﯶ  ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺﯻ  ﯼ  ﯽ   ﯾ ﭼ الرعد: ٤١ .
فإذا ربطنا هذه الأحاديث التي يقوّي بعضها بعضاً من حيث الثبوت والصحة ، وفهمنا مدلولات أغراضها ، وجدناها تنفى قضية العدوى ، أنها قضية لا تطابق الثقة بالله واليقين ، وتخالف القضاء والقدر والاستسلام لله . وكأنها توجب أمراً لم يكن في إطار الخلق والأمر . فتمانع هذه الأحاديث العدوى كلياً وتفيد لنا أن لا نخاف المرض والبلاء ، بل علينا مقابل ذلك أن نقترب ونتجرأ على صحبة المصاب المريض والجلوس بجانبه والأكل معه . ونفهم منها أيضاً حثاً واضحاً وأمراً صريحاً في تسليته حتى لا ينكسر خاطره .

فإذا يلاحظ من قومه وجيرانه ما يوحى إلى الفرار منه والابتعاد عن مجلسه وذلك لسد الذريعة في المجتمع الإسلامي أن لا يتولد من اعتقاد العدوى التدابر والتباغض والتنافر والاحتقار والاستكبار من بين الناس . ألم تعلم أنه سبق الأمر اللازم بالترابط الوثيق والتعاضد العميق مع جماعة المسلمين في التزاور والتقارب . حيث يقول النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم : عليكم بالجماعة . إذا لا تنافر ولا تدابر . وكذلك هناك حديث صحيح يخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس مريضهم وصحيحهم غنيّهم وفقيرهم محسنهم ومسيئهم ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم .

فنأخذ بعموم معاني الأذى حسيا ومعنوياً فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالله أحكم ونسبة العلم إليه أسلم .
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما  ، قال قال رسول الله صلى  الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . رواه مسلم .

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : ولا تباغضوا ولا تدابروا  . الحديث رواه مسلم .
فلا تكره أخي في الله مجالسة مبتلى . قال تعالى : ﭽ ﯧ   ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ  ﯮ  ﯯ  ﭼ النساء: ١٩ . كما حدث في عيادته صلى الله عليه وسلم لذلك الغلام اليهودي أسلم بسبب زيارته صلى الله عليه وسلم له وعيادته ، فحمد الله وشكر له على نجاته من النار .
فلا ترد دعوته إذا استدعاك إلى مائدة الطعام أو لحاجة تخصه فإن في ذلك لذّة وهناءً وتسلية وشفاءً ونعمة وعطاءً ونوراً وجلاء بل اعتبر بهذا واتعظ . فلو شاء الله لابتلاك بأشد مما ابتلاه .
ولا قدر الله . وتفكر بعقلك لا بعاطفتك . فلماذا عافاك الله وتركك . إسأل نفسك ما هو المانع أهو حسبك أو جاهك أهو سلطانك أو مالك أهو ملكك أو قوتك ، أهو علمك أو حولك ومكرك .
لا هذا ولا ذلك ، يقول الله تبارك وتعالى : ﭽ ﯘ  ﯙ  ﯚ  ﯛ  ﯜ  ﯝ  ﯞ  ﯟﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ  ﯥ   ﯦ  ﭼ الرعد: ١١ .

وقال تعالى: ﭽ ﯞ  ﯟ    ﯠ   ﯡ  ﯢ    ﯣ  ﯤ  ﯥ    ﯦ   ﯧ      ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﭼ الليل: ١١ - ١٣  ولقد صدق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم في قوله : لا حَوْل ولا قوَّة إلا بالله العلي العظيم . وقال أيضاً : ولا تنفع ذا الجد منكم الجدّ . فاحمد الله قائلاً بالتكرار : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضّلني على كثير ممن خلق تفضيلاً .
ولا تظن يوماً أنك تضمن لنفسك دوام الصحة واستمرار العافية على أحسن ما يرام ، فقد تصاب وتبتلى بمرض ما ، لا قدّر الله – بسبب وبغير سبب فلا يأتي الابتلاء إلا بغتة من حيث لا يحتسب فلا تشمئزّ نفسك في لقاء المريض .فالخواتم بيد لله تعالى وهو القادر على تبديل أحوال الناس فيجعل مريض اليوم صحيح الغد وفقير اليوم غنيّ الغد .
قال تعالى : ﭽ ﭑ  ﭒ  ﭓ      ﭔ  ﭕ     ﭖ  ﭼ القمر: ٥٠ . وقال تعالى : ﭽ ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ  ﭩ    ﭪ   ﭫ  ﭬ  ﭭ  ﭮ  ﭯ  ﭰ  ﭱ  ﭲ  ﭳ       ﭴ  ﭵ  ﭶ   ﭷ  ﭸ  ﭹ   ﭺﭻ  ﭼ  ﭽ    ﭾ    ﭿ  ﮀ    ﮁ  ﮂ  ﮃ  ﭼ الأعراف: ٩٧ – ٩٩ .
فلا تغتر بعافيتك أو تعجبك سلامة جسمك ولا يغرنك مالك ولا سلطانك إنها من فيض جود كرم الله وستره الجميل عليك .
ﭽ ﮝ  ﮞ  ﮟ  ﮠ   ﮡﮢ  ﮣ  ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﭼ الأعراف: ٥٤ .
يقلب المشيئة كيف يشاء فعّال لما يريد ألا هو العزيز الحكيم قال تعالى : ﭽ ﯞ   ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﭼ آل عمران: ١٤٠ .

تقرير ابن القيم الطبي في العلاج الفطري
فلا بأس أخي في الله ولا مانع من أن أسوق لك كلاماً حلواً وتقريراً مفيداً ذكره ابن قيم الجوزية في كتابه الطب النبوي . ففيه ما يحمل النفس إلى التوكل على الله والثقة به أكثر مما سبق . فالله المستعان وعليه التكلان يقول رحمه الله تعالى : وأين يقع هذا وأمثاله من الوحي يوحيه الله إلى رسوله بما ينفعه ويضره ؟ فنسبة ما عندهم من الطب إلى هذا الوحي كنسبة ما عندهم من العلوم إلى ما جاءت به الأنبياء.
بل ههنا من الأدوية التي تشفى من الأمراض ما لم يهتد إليها عقول أكابر الأطباء ، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم وأقسيتهم :  من الأدوية القلبية والروحانية وقوة القلب واعتماده على الله . والتوكل عليه ، والالتجاء إليه ، والانكسار بين يديه والتذلل له ، والصدقة والدعاء والتواضع والاستغفار ، والإحسان إلى الخلق وإغاثة الملهوف والتفريج عن المكروب .
فإن هذه الأدوية قد جرّبتها الأمم على اختلاف أديانها ومللها ، فوجد والهامن التأثير في الشفاء مالا يصل إليه علم أعلم الأطباء ولا تجربته ولا قياسه .
                                                 ابن قيم الجوزية . الطب النبوي ، ص 7 .
الوصايا الطبية من باب الوقاية
أخي القارئ فهذه وصايا وصفها بعض الأطباء لبعض الأقرباء . فخذها لعل الله أن ينفعك بها ما قدره لك إنه حليم لطيف بعباده .  قال بعض الملوك لطبيبه : لعلك لا تبقى لي فصف لي وصفة آخذها عنك : فقال : لا تنكح إلا شابة ولا تأكل من اللحم إلا فتياً . ولا تشرب الدواء إلا من علّة ، ولا تأكل الفاكهة إلا في نضجها ، وأجد مضغ الطعام وإذا أكلت نهاراً فلا بأس أن تنام ، وإذا أكلت ليلاً فلا تنم حتى تمشي ولو خمسين خطوة ، ولا تأكلن حتى تجوع . ولا تتكارهن على الجماع ، ولا تحبس البول وخذ من الحمام قبل أن يأخذ منك .
ولا تأكلن طعاماً وفي معدتك طعام . وإياك أن تأكل ما تعجز أسنانك عن مضغه فتعجز معدتك عن هضمه ، وعليك في كل أسبوع بقيئة تنقى جسمك . ونعم الكنـز الدم في جسدك . ولا تخرجه إلا عند الحاجة إليه ، وعليك بدخول الحمام فإنه يخرج من الأطباق ما لا تصل الأدوية إلى إخراجه .
وقال بعض الحكماء : من أراد الصحة فليجود الغذاء وليأكل على نقاء وليشرب على ظمأ وليقلل من شرب الماء ، وبقصد بعد الغذاء ويتمشى بعد العشاء ، ولا ينم حتى يعرض نفسه على الخلاء .
وليحذر دخول الحمام عقب الإمتلاء . ومرة في الصيف خير من عشر في الشتاء . وأكل القديد اليابس بالليل معين على الفناء .
ومجامعة العجائز تهرم اعمار الأحياء وتسقم أبدان الأصحاء . وقال الشافعي رحمه الله تعالى : أربعة تقوى البدن : أكل اللحم وشم الطيب وكثرة الغسل من غير جماع ، ولبس الكتان . وأربعة توهن البدن كثرة الجماع وكثرة الهم وكثرة شرب الماء على الريق وكثرة أكل الحامض ،وأربعة تقوى البصر : الجلوس تجاه الكعبة والكحل عند النوم ، والنظر إلى الخضرة وتنظيف المجلس .
وأربعة تهوهن البصر : النظر إلى القذر وإلى المصلوب وإلى فرج المرأة والقعود مستدبر القلبة . وأربعة تزيد في الجماع ،أكل العصافير والا طريفل ( الأكل ) والفستق والخرّوب . وأربعة تزيد في العقل:
ترك الفضول من الكلام ، والسواك ، ومجالسة الصالحين ومجالسة العلماء ، وقال بعض الحكماء : وأربعة أشياء تمرض الجسم الكلام الكثير والنوم الكثير والأكل الكثير والجماع الكثير . الطب النوي .

فأما الوصية الأخيرة :
كل مبكراً ، ونم مبكراً ، ولا تحبس البول دهراً ولا تؤجل الغائط عن وقت الحاجة نظراً بل قم لها فوراً ، تعيش طبيباً ماهراً . وتسلم سلاماً عبيراً .

مبادئ حفظ الصحة
فبما أن الصحة من القضايا الثمينة في حياة الإنسان بل ضمان سعادته لم يهملها أحد من العقلاء والحكماء ، إلا وقد تكلم بها وحثّ على رعاية موجباتها لذلك أمر الشارع الحكيم فقال جل من قائل :
ﭽ  ﭹ  ﭺ  ﭻﭼ   ﭽ  ﭾ  ﭿ         ﮀ  ﮁ  ﭼ النساء: ٢٩ . وفي المقابل : يقول الشيخ أبو بكر جابر الجزائري : ها هي بعض ما يحفظ به الصحة من المسائل الطبية . فليأخذ بها كل من المؤمنين رجاء حفظ صحته بإذن الله .
1 – أن لا يترك المرء طعامه وشرابه إذا أكل أو شرب ونفسه تشتهيه .
2 – أن لا يدخل طعاماً على طعام بل لا يأكل إلا عند الاحساس بالجوع .
3 – أن يكون الغذاء في الصيف بارداً وفي الشتاء حاراً متوسطاً .
4 – أن يتجنب البطنة وهي امتلاء البطن بالطعام والشراب .
5 – أن يجعل كلا من طعامه وشرابه ونومه قصداً أي قواماً بين الكثرة والقلة والإسراف والاقتار.
6 – أن يمشي بعد أكلة العشاء أو يصلى بعدها صلاة يطمئن في ركوعها وسجودها .
7 – أن يلحس الإناء بعد الأكل ويلعق أصابعه .
ما ينهي عنه لحفظ الصحة .
1 – الجمع بين اللبن والخل .
2 – الجمع بين الجبن والسمك .
3 – الجمع بين الفاكهة واللبن .
4 – الجمع بين أكل السمك وشرب اللبن .
5 – الجميع بين السمك والبيض .
6 – الجمع بين الشبع ودخول الحمام .
7 – قلة النوم وكثرته ففي كليهما أضرار جسمية ونفسانية تؤدي إلى الهلاك .
كان هذه بعض مبادئ حفظ الصحة وهي من أقوال الحكماء وتجاربهم ، فليأخذ بها المؤمن ما أمكنه ، فإنها تساعده على حفظ صحته سليمة – إن شاء الله تعالى .  وبالبدن السليم يعبد المرء ربه ويتقرب إليه بأحب الأعمال عنده .
                                
أحكام آخر الأيام
الشيخ / أبو بكر جابر الجزائري .

 
فائدة مهمة
أخي في الله ، فإذا دقّقنا السمع وحدقنا البصر لتفقد هذه الوصايا على عمل وقائي نجد من خلالها أن  جل مخاطرها وأكثر محظوراتها تنطبق في قضية المطعومات . وقد عالج هذه القضية طبيب الأطباء وناصح الحكماء محمد عليه الصلاة والسلام بأبسط حل وأقرب فهم .
في حديثين : أولهما خلق القناعة والآخر نصيحة ، فعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا فلا نشبع وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه بحسب ابن آدم أكيلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفَسه . رواه الترمذي عن المقدام ابن معدي كرب .
فاحرص يآخي على خلو بطنك كثيراً وعوده الكفاف ترزق بذلك القناعة والله المستعان .
 
القاعدة الوثقى لتوضيح الحقائق المثلى
أخي في الله رحمني الله وإياك ووفقني وإياك لما فيه مرضاته فهذه المقالات وهذه الكلمات التي أوردناها في هذا الكتاب المتواضع نسأل الله تعالى أن يجعلها نافعة للجميع . فكلها غير الآي القرآنية والمأثورات النبوية فإنما هي من عند بشر ضعيف نادر العلم مقصور الفهم محدود العقل . ومع ذلك غير معصوم من الخطء والزلل وقد يصاب بالهفوات . فلا تأخذ منها إلا ما هو تراه مطابقاً للصواب من الوحي السماوي : الكتاب والسنة .
والعلم النافع ما قاله الله وقاله رسوله محمد صلى الله عليه وسلم : فكلنا جهلة إلا من أتاه الله الحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم . وفوق كل ذي علم عليم ذلك لأن الله هو الوحيد الذي قد أحاط بكل شيء علماً .
وليس هناك في هذه البسيطة من هو أحق أن يؤتيه الله الحكمة والخبرة وأولى من الأنبياء والمرسلين. فهم الهداة والمقتدين عليهم السلام . قد اختارهم الله من عباده وعلمهم من الدين ما فيه صلاح الأمم ومصالح العباد بتعليمهم وتربيتهم وتهيئتهم لقبول الحق ونيل السعادة لهذا فهم أعلم العباد ما يفيدهم وأعرفهم بالله ، وعلى رأسهم نبيّنا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم . فعلمه فاق العلوم وقهر عقله العقول . لديه من المعنويات ما يفيد الإنسان في حياته الدنيوية ، ويعينه على طاعة الله ، وكذلك تلتمس عنده الدقائق العلمية بعيدة المدى ، عميقة المستوى ، علّمه شديد القوى ، فهو صلى الله عليه وسلم فوق التصور لتحديد الحياة البشرية . قال تعالى : ﭽ ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧ  ﯨ  ﯩ  ﯪ  ﯫ  ﯬ  ﯭ      ﯮ  ﯯ  ﯰ  ﯱ  ﯲ  ﯳ      ﯴ  ﯵ  ﯶ          ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﭼ آل عمران: ١٦٤ .
ذلك لأنه أتقاهم لله وأخشاهم له كما في قوله عليه الصلاة والسلام إنّي لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأتقاكم له .
وأتقى الناس فهو أعلمهم وأعلاهم منـزلة عندالله . قال تعالى : ﭽ ﯸ   ﯹﯺ  ﯻ  ﯼﯽ  ﯾ  ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﭼ البقرة: ٢٨٢ .
فالتقوى هي الوسيلة الأقوى للحصول على المعالم القصوى . وكما أنّ العلم نور لا يُهْدى لغير المتقين . قال تعالى: ﭽ ﯝ  ﯞ  ﯟ  ﯠ  ﯡ  ﯢ  ﯣﯤ      ﭼ فاطر: ٢٨  .
فجميع علوم العباد وكافّة تجاربهم لا يبلغ أدنى نصيب من علم نبينا وخبرة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم . فهو معلّمهم وموجّههم ومرشدهم ، إلى أساليب التعليم وطرق التدريس ومعالي القيم . لهذا فلا بدّ أن يستنير الإنسان عامة حياته المادية والمعنوية بأحاديثه عليه الصلاة والسلام عقيدة وسلوكاً ، اقتصادياً وثقافياً تستبان من سيرته صلى الله عليه وسلم .
فلهذا قال الله في محكم كتابه : ﭽ ﯯ  ﯰ        ﯱ  ﯲ  ﯳ  ﯴ  ﯵ   ﯶ  ﯷ     ﯸ         ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ                 ﯽ  ﯾ  ﯿ          ﭼ الأحزاب: ٢١ .
فتأسّوا بهذا النبي الكريم وسيلة من وسائل العلم والحكمة ، واسلكوا الطريق الموصل إلى الاقتداء به قدوة عظيماً ودليلاً قويماً على جميع أبواب الخير في جميع أنواع العبادات ، وأصناف العادات الحسنة . إي والله فهو المزكّي خَلقاً وخُلقاً : قال تعالى في حقه وهو أعلم به صلى الله عليه وسلم : ﭽ ﭛ  ﭜ   ﭝ  ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ    ﭣ   ﭤ  ﭥ  ﭦ  ﭧ  ﭨ   ﭩ   ﭼ النجم: ٣ – ٥ . ﭽ ﮂ  ﮃ           ﮄ    ﮅ  ﮆ  ﮇ  ﭼ النجم: ١١. ﭽ ﮠ  ﮡ  ﮢ     ﮣ    ﮤ  ﮥ  ﭼ النجم: ١٧. وقال تعالى : ﭽ ﮕ  ﮖ  ﮗ  ﮘ  ﮙ  ﮚ  ﮛ  ﮜ     ﮝ  ﮞ  ﮟ   ﭼ القلم: ٣ – ٤ .
فمثل هذا النبي الكريم يستهل أكثر من التأسي والاقتداء به صلى الله عليه وسلم .
 
فائدة حسنة للإبتعاد عن البدعة والشرك .
فلا شك أن التداوى أمر مأذون شرعاً ، ولكن بإطار الشريعة الغراء من الأذكار الواردة عن طبيبنا الأكبر محمد صلى الله عليه وسلم والأدوية المباحة التي لا شبهة فيها وهي الخالية عن البدع والشركيات والمسكرات المحرمات وعلى مقدمة هذه الأدوية المادية والمعنوية المباحة هو القرآن الكريم أنه كلام الله الذي يخضع له سر الوجود ، فكل شيء يقبل له الأنقياد طوعاً وكرهاً .
فمن لم يتداو بالقرآن الكريم فلا دواء له ، كما صح عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه قال : خير الدواء القرآن .
ومن لم يكفه القرآن شفاء فلا شفاءه الله . فالقرآن أعظم دواء من كلّ داء . قال تعالى : ﭽ ﯡ  ﯢ  ﯣ  ﯤ  ﯥ  ﯦ  ﯧﯨ  ﭼ فصلت: ٤٤ .
وقال تعالى : ﭽ ﮤ  ﮥ  ﮦ  ﮧ  ﮨ  ﮩ   ﮪ  ﮫﮬ  ﭼ الإسراء: ٨٢ .
فليس القرآن كدواء يصيب ويخيب بل هو شفاء تام لا يغادر سقماً . من الحسيات البدنية والقلبية والروحية . لكن المسألة مسألة الإيمان بقدرة الله والثقة بإرادته جلّ جلاله . والمشار إليه في هاتين الآيتين الكريمتين لذلك لا يزيد القرآن الكافرين به الذين جعلوا القرآن عضين والمتخذين كلام الله قسماً حقاً وقسماً باطلاً وقالوا في حق القرآن الكريم : أساطير الأولين . فلا يزيدهم إلا خساراً ، ومقتاً عند ربهم . ﭽ ﭞ  ﭟ  ﭠ  ﭡ  ﭢ    ﭣ  ﭤ  ﭥ     ﭦ  ﭧ        ﭨ  ﭼ الروم: ٧ .
ألئك هم الكفرة الفجرة وهم الذين يريدون أن يبدّلوا كلام الله فتحوّل أحلامهم إلى حقائق بين عشية وضحيها بلا عمل مسبق ولا إيمان محقق . خارج إطار قضاء الله وقدره وأمره وحكمه . خلاف ما عليه المؤمنون من عقيدة ثابتة بالله القائل في محكم تنـزيله : ﭽ ﮆ  ﮇ  ﮈ  ﮉ     ﮊ  ﮋ   ﮌ  ﮍ  ﮎ  ﮏﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ    ﮕ  ﭼ التوبة: ٥١ . هذا هو الإيمان الذي يشفع صاحبه من كلّ بليّة ومحن وينجيه من كل مصيبة وفتن .
فالأطباء قاطبة ومن بينهم العلماء والحكماء يستضيئون بعمله عليه الصلاة والسلام . ليبصروا به طرق النجاح ومعالم الفلاح في أقسيتهم ودراساتهم ، فهم وكامل علومهم من حيث البيان والتطبيق على حدّ قول الله تعالى : ﭽ ﯷ  ﯸ  ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ  ﭼ الإسراء: ٨٥ . فلا تضع أحداً لك مثالياً ولا تقدم على هذا النبي الكريم أحداً فهو النبي الأميّ الذي يؤمن بالله وكلماته عليه الصلاة والسلام ، ليكن نصب عينيك في كل صغيرة وكبيرة ، وإلا تزلّ قدم بعد ثبوتها . والله المستعان .
هذا ولا يسعنى إلا أن أدعو الله لي ولك أن يرزقنا في كل حال ومئالٍ لساناً ذاكراً وقلباً على النّعماء شاكراً وبدناً على البلاء صابراً اللهم استجب دعاءنا ولا تخيب فيك رجاءنا .
وقبل الختام لا يفوتني في هذه النهاية أن أتقدم بالشكر الصافي والدعاء الوافي إلى كل ممن زارني وساهم في خدمتي أثناء وجودي في المستشفى الاقليمي من عيادة ودعاء في ظهر الغيب ، وأطلب منهم أن يلتمسوا الأعذار بعد الأعذار . وأدعو الله تعالى أن يمنّهم بالصحة الجيدة ويرزقهم العافية الدائمة في هذه الحياة الفانية .  وأن يسكنهم في جنات الخلود بعد الممات إنه ولي ذلك والقادر عليه وعلى رأسهم الأب الفاضل المتواضع الشيخ الحاج بشير صامب ومع أنه كبير في السن وبلغ من الكبر عتياً لم يتردّد في زيارتي يوماً بل كان يأتيني ليلاً ونهاراً ويكفيه فرحاً وسروراً أن يضع عينيه على بشرة وجهي بالدعاء ويمسح بيده المباركة رأسي .
وكذلك الأخ الشقيق المرحوم أحمد المختار ، أسأله سبحانه أن يسكنهما وأمي فام تيون في فسيح جناته ويكرم نزلهم في زمرة الشهداء .  وبالتالي محمد صالح صامب والأخ سليمان مبي والاخ محسن مامون نيان كان يقوم بإحضار طعام مع زوجته ما بيند جوب . والابن البار بابكر صامب ، فلقد كان بوّاباً حليماً ورفيقاً مفيداً لم يتأخر أبداً عن القيام بجميع متطلباتي اللازمة . وبالإضافة إلى ذلك لقد كنت أتبرك من تلاواته العطرة للقرآن الكريم وذلك من أسباب شفائي العاجل ولا أنسى الزوجين المتنافستين في إرضائي والقيام بواجباتهما هما : بنت سلّ مبى ، واندي جاب جوب ، كانتا بالغتي الحرص على خدمتي . فأسأل الله سبحانه أن يجزيهم خير الإحسان وأفضل الرضوان في منازل الجنان . آمين .

 
الختام
اللهم أشهد أني لا أقصد بهذا الكتاب مدائح الناس ولا ثناءهم بل أبتغي  فيه رضاك والجنة ، فاجعله صدقة جارية وعملاً متقبلاً . واهدني واهد بي ويسر لي الهدى واجعلني سبباً لمن اهتدى ودليلاً على الهدى . وضاعف ثوابه لمن قرأ الكتاب واجمعنا اللهم في الفردوس الأعلى بعد طول عمر وحسن عمل على طاعتك . آمين .
اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير وإليك يرجع الأمر كله لك الحمد علانيته وسرّه ولك الحمد في الأولى والآخرة لك الحمد إنك على كل شيء قدير .
سبحانك ما أعظمك ، سبحانك ما أجلّك ، سبحانك ما أكبرك ، سبحانك ما أعلاك ، سبحانك ما أكملك ، سبحانك ما أجملك ، سبحانك ما أغلاك . سبحانك ما أحسنك ، سبحانك ما أطهرك ، سبحانك ما أطيبك ، سبحانك ما أعزك ، سبحانك ما أكرمك ، سبحانك ما أفضلك ، سبحانك ما أبرّك ، سبحانك ما أرحمك ، سبحانك ما أعطفك ، سبحانك ما أرأفك سبحانك ما ألطفك ، سبحانك ما أحلمك ، سبحانك أعلمك ، سبحانك ما أحكمك ، سبحانك ما أغناك ، سبحانك ما أكثرك ، سبحانك  ما أجودك ، سبحانك ما أوسعك ، سبحانك ما أعدلك ، سبحانك ما أبقاك ، سبحانك ما ذكرناك حق ذكرك ، سبحانك ما دعوناك ، حق دعوتك ، سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ، سبحانك ما أطعناك حق طاعتك ، سبحانك ما حمدناك حق حمدك ، سبحانك ما أشكرناك حق شكرك .
سبحان الله العظيم عدد خلقه ورضى نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته . سبحان الله وبحمده على حلمه بعد علمه ، سبحان الله وبحمده على عفوه بعد قدرته سبحان الله من رب رحيم وإله عظيم وملك كريم وولي حليم يغفر الذنوب ولا يبالي ، سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك .

 
اللهم صلّ وسلم وزد وبارك على عبدك على عبدك ورسولك محمد نبي الهدى والرحمة وإمام أهل الجنة وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
 
باي محمد صامب
مدينة الدار
تاريخ البدء 8/9/1998م .
تاريخ الانتهاء للطبعة الأولى  9/12/2002م
الطبعة الثانية الأحد 30/8/1232 هـ الموافق 31/7/2011م .
مقر سفارة السنغال بالرياض عاصمة المملكة العربية السعودية
 

 
المشايخ الذين تلقيت من عندهم الدراسة والتربية والعلم هم :
1 – الشيخ الحاج بشير صامب ، أول من درست بين يديه وتربيت به الأدب ، نور الله مرقده ووسع قبره . آمين .
2 – الحاج محسن صامب رحمه الله رحمة واسعة .
3 – تييرن مالك محسن جوب ، منه بدأت التحفيظ إلى حزب " واعلموا " فارتحل إلى جمهورية مصر العربية لطلب العلم .
4 – علي صار ابن الحاج دام صار .
5 – الحاج مالك محسن جوب رحمه لله رحمته واسعة أتممت بين يديه حفظ القرآن الكامل وحصلت على يديه شهادة وإجازة قرآنية  30/9/1978م ثم انتقلت إلى معهد والدي ومربّي الشيخ بشير صامب ، لأتمثل هناك معلماً مساعداً . وهنا درست الفقه وأصوله .
6 – الحاج مأمون نياي ما بيى رحمه الله رحمة واسعة تعلمت منه الأجرومية وملحة الأعراب وألفية ابن مالك .
7 – الشيخ أحمد الأمين نياني مصطفى ، الفقه وقواعده .
8 – ورحلت إلى معهد دار الأرقم ابن أبي الأرقم بفاس توري ، وتلقيت العلوم الشرعية واللغة العربية والحساب على يدي عبدالعزيز محمد الهادي توري وبابكر توري رحمه الله تعالى رحمة واسعة .
9 – سافرت إلى نواكشوط عاصمة الجمهورية الإسلامية الموريتانية دخلت الثانوية العربية الليبية 1983م حتى 9/4/1984م .
10 – معهد بدر عند الإمام بدّاه ولد بوصيري إمام الجامع الكبير درست عليه القرآن وتفسيره .
11 – شاركت في مسابقة أجريت بدكار للالتحاق بمعهد الدراسات القرآنية بنواكشوط عام 1405/1407 هـ  1985م/1987م ونجحت ، فهناك  عديد من العلماء من بينهم : ولد الخير ، وصدّاق ، والاستاذ الدّين وغيرهم من أولى العلم . حصلت على شهادة إتمام الدراسات القرآنية والمواد فيه كانت أحكام التجويد الشاطبية ، أسباب النـزول ، اللغة العربية الآداب ، آيات الأحكام ، الفقه ، السيرة ، الدعوة الأصول ، الحديث المصطلح ، الفواصل ، والتربية وعلم النفس المعدل النهائي 13 و 15 .
12 – ثم سافرت إلى السعودية لمتابعة الدراسات العليا في نهاية 1987م ، تلقيت دراسة الفقه من كتاب سبل السلام شرح بلوغ المرام ، والحديث من كتاب فتح الباري ، شرح صحيح البخاري على يدي سعيد يوسف شعلان إمام وخطيب مسجد آل ياسر الجامع ، في حي الروضة . بجدة .
13 – وأحكام التجويد على يد محمود فرج إمام مسجد النور شارع المكرونة ، حي العزيزية ، جدة .
14 – على بادحدح إمام مسجد سعيد بن جبرين حي الكندرة ، جدة .
15 – محمد المختار الشنعّيطي الفقه كتاب عمدة الأحكام ، ودروس مستقلة في مسجد الملك سعود ، طريق المدينة المنورة . جدة .
16 – محمد صالح بن حميد من أئمة الحرم المكي .

 
المراجع تأليف
القرآن الكريم  
تفسير الطبري أبو جعفر الطبري
الجامع لأحكام القرآن القرطبي
الكشاف الزمخشري
مختصر صحيح البخاري التجريد الصريح الإمام زين الدين أحمد عبداللطيف الزبيدي
صحيح سنن ابن ماجة تحقيق ناصر الدين الالباني
مختصر صحيح مسلم تحقيق ناصر الدين الالباني
منهاج المسلم أبو بكر جابر الجزائري
فقه السنة سيد سابق
الطب النبوي ابن القيم الجوزرية بإشراف محمد أحمد برانق
مجموعة قصص الأنبياء الإمام سليمان بن الأشعث
سنن أبي داود لابن عيسى محمد بن عيسى بن سورة
الجامع الصحيح سنن الترمذي فيصل سلطان الجوري
مطالعات من الكتيبات إبراهيم عبدالله الدويش
محاضرات بعنوان الشباب ألم وأمل عبدالرحيم الطحان
محاضرات بعنوان " لا عدوى "  
مختار الأحاديث  
 
 
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً كثيرا .
باي محمد صامب
مدير معهد فارس الإسلام
الشيخ بشير صامب القرآني
 
الفهرس
البيان رقم الصفحة
الأهداء  
مقدمةوتقديم : محمد تبيرن مالك محسن جوب  
التقريط : محمد مصامبة سيك  
تقريط : إبراهيم كن  
التمهيد  
نعمة المرض  
البشرى  
محتويات كلمة : لا بأس ظهور إن شاء لله  
يا صاحب الهم  
إن للموت أجلاً مكتوباً  
عفو لله عن الذنوب  
قصة نبينا أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام  
أنوع الصبر الثلاثة  
قصة نبينا إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام  
ملاحظة مفيدة  
لا يجوز تأخير التوبة  
منحة العافية  
الأمر بالتداوى والأدلة عليه  
التماس الشفاء بالمحرمات  
حقيقة الدعاء  
فالله هوالأقرب  
إياك أن تسأل غير الله سبحانه  
الأدعية الواردة للمريض  
البيان رقم الصفحة
ملاحظة مهمة  
كيف يتم الشفاء  
الصدقة وأنواعها  
ملاحظة جيدة  
عيادة المريض وآدابها  
لا عدوى  
تقرير ابن القيم الطبي في العلاج الفطري .  
الوصايا الطبية  
مبادئ حفظ الصحة  
فائدة مهمة  
فائدة حسنة للابتعاد عن البدع والشركيات  
الشكر والتقدير  
الختام  
سبحانك ما أعظمك  
المشايخ  
المراجع  
الفهرس  
 
 
***
 
 
 
 


Heures de Prières | Recitateur Sénégalais | Le Coran à Saint-Louis | Hadith du Jour | Tontou Bataakhal | Xame Sa Diiné